الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

سر الحاجة الى الامام المعصوم

على الرغم ممّا يجمع المسلمين من اتفاق حول کليّات الدين، کالأصول، والعقائد، والأخلاق، والأحکام (سواء ما کان منها متعلّقاً بالمناسك العباديّة أو ما يختصّ بالأحکام المدنيّة، والحقوقيّة، والقوانين القضائيّة، والجزائيّة، والسياسيّة، وما إلى ذلك من الشؤون الإسلاميّة)، إلاّ أنّهم يختلفون في جانب ثانويّ من العقائد وبعض تفاصيل الأحکام والقوانين، الأمر الذي جعلهم أتباع فِرَق ومذاهب شتّى.
اِنّ من الممکن تلخيص هذه الخلافات في محورين أساسيّين؛ الأوّل: محور العقائد المرتبط بعلم الکلام، والثاني: محور الأحکام (بمدلوله العام) الذي يستند إلى علم الفقه. النموذج البارز للخلاف حسب المحور الأوّل هو الخلاف بين الأشاعرة والمعتزلة في المسائل الکلاميّة. أما النموذج في نطاق المحور الثاني فهو الخلاف في المسائل الفقهيّة بين المذاهب السنيّة الأربعة.
اِنّ أحد أشهر الخلافات بين المذاهب الإسلاميّة هو ذلك القائم بين الشيعة والسنّة في قضيّة الإمامة، حيث يعتقد الشيعة (الإماميّة) اَنّ عليّ بن أبي‌طالب (عليه السلام) هو الإمام بعد رحيل النبيّ الأکرم (صلى الله عليه و آله) والخليفة من بعده، في حين لا يعتبر أهل السنّة عليّاً سوى أنّه الخليفة الرابع من بعد الرسول (صلى الله عليه و آله). في واقع الأمر إنّ الميزة الرئيسيّة التي تميّز مذهب الإماميّة هي الاعتقاد بإمامة الأئمّة الاثني عشر مع حيازتهم لثلاث خصال: العصمة، والعلم الموهوب من الله، والتنصيب من قبل الله تعالى.
هنا يطرح سؤال وهو: هل إنّ أصل هذا الخلاف مرتبط بحقل العقائد والکلام، واِنّ الخلافات الفقهيّة ذات الصلة به لا تعدو أن تکون سوى مسألة فرعيّة ليس إلاّ؟ أم إنّه خلاف فقهيّ صِرف1؟ أم هو نزاع سياسيّ أشبه ما يکون بذلك الذي ينشب بين حزبين سياسيّين على انتخاب مرشّح الرئاسة لکلّ منهما؟
الحقيقة هي أنّ هذه المسألة ـ على الأقلّ من وجهة نظر التشيّع ـ هي مسألة عقائديّة کلاميّة، واِنّ ابعادها الفقهيّة والسياسيّة لها جنبة فرعيّة لا غير. بعبارة أخرى: اِنّ للنظام العقائديّ عند الشيعة حلقات مرتّبة ومتناسقة والإمامة تشکل واحدة من تلك الحلقات، وبحذفها تفقد هذه السلسلة انسجامها وکمالها. من أجل أن يزداد هذا المطلب وضوحاً يتعيّن علينا أن نلقي نظرة إجماليّة على النظام العقائديّ للشيعة، لتتّضح لنا مكانة الإمامة من هذا النظام المتسلسل ويتبيّن السبب من وراء اهتمام الشيعة بهذه القضيّة والدليل على ضرورتها.
إنّ الحلقة الاُولى في النظام العقائديّ للإسلام هي الاعتقاد بوجود الإله الواحد، ومن ثمّ الاعتقاد بصفاته الذاتيّة والفعليّة. اِنّه، ووفق الرؤية الإسلاميّة، فإنّ الله تعالى، کما اِنّه الخالق لکلّ ظاهرة في الوجود، فهو الربّ والمدبّر والمدير لها کذلك، ولا موجود على الإطلاق هو خارج عن مملکة خالقيّته وربوبيّته. والله سبحانه وتعالى لم يخلق أيّ شيءٍ باطلاً أو عبثاً، بل اِنّ الکلّ قد خُلق وفق نظام حکيم، وکلّ الموجودات، التي تنتظم في سلاسل طوليّة وعرضيّة، وبسعة تمتدّ منذ الأزل وحتّى الأبد، تشکّل معاً نظاماً واحداً متناسقاً تتمّ إدارته ـ بمقتضى الحکمة الإلهيّة ـ بواسطة قوانين العليّة.
ومن بين مخلوقات الباري تعالى، التي لا تُحصى ولا تُعد، هو الإنسان الذي يمتاز بصفات من قبيل الشعور، والتعقُّل، والإرادة، والإختيار، الأمر الذي يجعل أمامه مسيرين: أحدهما يتّجه نحو السعادة، و الآخر يقوده نحو الشقاء الأبديّ. لهذا السبب فالإنسان مشمول بربوبيّة خاصّة ـ زائدة على تلك الربوبيّة التي تشمل کل ظواهر الوجود غير المختارة ـ ألا وهي الربوبيّة التشريعيّة. أي اِنّ مقتضى الربوبيّة الإلهيّة الجامعة، بالنسبة للإنسان، هو أن توفّر له الأسباب والمقدّمات للسير الاختياريّ والتي من بينها تعريفه بالهدف وتشخيص معالم الطريق الذي سيطويه للوصول إليه، کي يتيسّر له الاختيار عن تعقّل ووعي. على هذا الأساس فإنّ مقتضى الحکمة الإلهيّة هو ترميم النقص الحاصل في ادراکاته الحسيّة والعقليّة عن طريق علوم الوحي.
يتّضح مما تقدّم مدى أهميّة مجموعة الوحي والنبوّة في هذا المضمار. لأنّ الله تبارك و تعالى لو أنّه أوکل الإنسان إلى نفسه ولم يرسل له الأنبياء ليدلّوه على الصراط المستقيم للوصول الى السعادة الأبديّة، لکان کالمضيف الذي يدعو ضيفه للقيام بضيافته ثمّ لا يدلّه على دار الضيافة!
اِنّ تعاليم الأنبياء کانت تشکو ـ تحت تأثير عوامل شتّى ـ التغيير والتحريف، العمديّ منه وغير العمديّ، بمرور الوقت إلى الحدّ الذي كانت تفقد معه خاصيّتها في الهداية، الأمر الذي کان يستدعي بعثة نبيّ آخر لکي يحيي التعاليم الماضية ويأتي ـ إذا لزم الأمر ـ بتعاليم أخرى تضاف إلى سابقاتها، أو تحلّ محلّها.
لعلّ سؤالاً يطرح هنا، وهو: هل اِنّ هذا المنوال سيستمرّ اِلى أبد الآبدين؟ أم اِنّ من الممکن اَن تأتي شريعة متکاملة تبقى مصونة من آفة التحريف فتنتفي الحاجة بذلك إلى بعثة نبيّ آخر؟ اِنّ الإجابة التي يطرحها الإسلام على هذا السؤال هي الخيار الثاني. فکلّ المسلمين متفقون على أنّ الإسلام هو آخر شريعة سماويّة، وأنّ نبيّ الإسلام هو خاتم الأنبياء، واَنّ القرآن الکريم، الذي هو المصدر الأساسي لهذه الشريعة، قد وصل اِلى أيدينا سالماً، خالياً من التحريف وسيبقى کذلك.
غير أنّ القرآن الکريم لم يُبيّن کلّ ما تحتاجه البشريّة من تعاليم بشکل تفصيلي، وأوکل هذه المهمّة الى النبيّ الأکرم (صلى الله عليه و آله)، فقد جاء في القرآن ما نصّه: ﴿ ... وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ... 2. ويُستدلّ من ذلك على اَنّ المصدر الثاني لمعرفة الإسلام هو «السنّة». اِلاّ اَنّ هذا المصدر ليس مصوناً (من التحريف) کما کان القرآن مصوناً منه. فنفس النبيّ الأکرم (صلى الله عليه و آله) قد تنبّأ ـ والشواهد التاريخيّة القطعيّة متوفّرة ـ على انّ أفراداً سينسبون، کذباً، اِلى النبيّ ما لم يقُله وسينقلون عن لسانه أقوالاً عاريةً عن الصحّة.
هنا يأتي سؤال آخر مفاده: ما هو المشروع الذي رسمته الربوبيّة الإلهيّة في سبيل تأمين هذه الحاجة الملحّة بعد رحلة الرسول الأعظم (صلى الله عليه و آله)؟ في هذه النقطة بالذات يُلاحظ اَنّ هناك حلقة مفقودة في سلسلة التشکيلة الفکريّة والعقائديّة لأهل السنّة على خلاف التشکيلة العقائدية للشيعة حيث تسطع ـ في هذا المجال ـ حلقة غاية في الوضوح ألا وهي «الإمامة». بمعنى: اِنّ تبيين أحکام الإسلام وقوانينه وتفسير عموميّات القرآن الکريم ومتشابهاته بعد النبيّ الأکرم (صلى الله عليه و آله) قد أوکل الى أفراد يتمتّعون بعلم أفاضه الله عليهم، ومَلَکةٍ منحهم ايّاها وهي العصمة، وکذا جميع المقامات والمزايا التي کانت للنبيّ الأعظم (صلى الله عليه و آله) ـ باستثناء النبوّة والرسالة ـ کمقام الولاية والحکومة. بتعبير آخر: اِنّ ربوبيّة الله التکوينيّة قد اقتضت وجود مثل هذه الشخصيّات في هذه الأمّة، واِنّ ربوبيّته التشريعيّة قد اقتضت فرض طاعة هؤلاء على الناس.
إذن حلقة الإمامة هي في الحقيقة استمرار لمجموعة الرسالة، واِنّ عترة الرسول الأکرم (صلى الله عليه و آله) هم الذين واصلوا الطريق وقاموا بمهمّة الرسول (صلى الله عليه و آله) من بعده، حيث أنّهم ـ ومن دون تمتّعهم بمقام النبوّة ـ حفظوا ميراث هذا الرجل العظيم وبيّنوه للأجيال القادمة، وهم قد نُصّبوا ـ ضمناً ـ من قبل الله جلّ وعلا، لإدارة شؤون المجتمع الإسلاميّ، والتصدّي لمقام الحکومة والولاية على الاُمّة، على الرغم من اَنّ هذا الأمر لم يدخل حيّز التنفيذ اِلاّ لفترة وجيزة، کما اِنّه لم يکن قد تيسّر اِلاّ لبعض الأنبياء فقط وفي برهة محدودة من الزمن.
استناداً اِلى ما تقدّم أصبح من الجليّ أنّ مسألة الإمامة أصلاً هي مسألة کلاميّة ولابد اَن تُبحث من باب أنّها قضيّة عقائديّة، لا اَن تُناقش على اَنّها مجرّد فرع من فروع الفقه أو بعنوان أنّها قضيّة سياسيّة أو تاريخيّة3.

  • 1. راجع: شرح المقاصد، ج 2، ص 271 .
  • 2. القران الكريم: سورة النحل (16)، الآية: 44، الصفحة: 272.
  • 3. نقلا عن الموقع الرسمي لسماحة آیة الله مصباح الیزدي حفظه الله،  و المقالة قدمت لمؤتمر حول التشيّع؛ فيلادلفيا، تمّوز 1993.

تعليقتان

صورة الحق واحد والضلال متعدد

الحاجة لوجود إمام معصوم

هل الدين قد اكتمل قبل وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؟
٢١--اذا كان الدين قد اكتمل قبل وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فما الغاية من وجود المعصوم؟
٣- اذا كان اعتقادكم بأن الدين لم يكتمل، فما هو قولكم في قول الله جل وعلا (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) ؟
٤- يقول علماء الشيعة ويقلدهم عامتهم في الرأي بخصوص الإمام المعصوم بالنص التالي المنقول من موقع ؛
Imamhussain.org

(ولكن الظروف الصعبة التي عاشها النبي (صلى الله عليه وآله) كسنوات الحصار في شعب أبي طالب، وعشر سنين من القتال مع أعداء الاسلام، لم تسمح له ببيان جميع الأحكام والتشريعات الاسلامية للناس كافة. وحتى ما تعلمه الأصحاب، لم يضمن الحفاظ عليه، فقد اختلف في طريقة وضوئه (صلى الله عليه وآله)، بالرغم من أنها كانت بمرأى من الجميع سنوات طويلة. إذن، فإذا كانت أحكام هذا العمل معرضة للاختلافات والخلاف - وهو عمل يحتاجه جميع المسلمين ويمارسونه يوميا، وليست هناك دوافع على حدوث التحريف والتغيير العمدي فيه - فإن حظر الخطأ والاشتباه في النقل، والتحريفات المتعمدة أشد وأكثر في مجال الأحكام الدقيقة، وخاصة تلك الأحكام والتشريعات التي تصطدم وأهواء بعض الأفراد، وأطماع بعض الجماعات ومصالحهم. ومن خلال هذه الملاحظلات يتضح أن الدين الاسلامي إنما يمكن طرحه كدين كامل وشامل يستجيب لكل الاحتياجات ولجميع البشر، وحتى نهاية العالم، فيما لو افترض وجود طريق لتوفير المصالح الضرورية للامة في داخل الدين نفسه، تلك المصالح التي يمكن أن تتعرض للتهديد والتدمير مع وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) ولا يتمثل هذا الطريق إلا في تعيين الخليفة الصالح للرسول (صلى الله عليه وآله)، هذا الخليفة الذي يملك العلم الموهوب من الله، ليمكنه بيان الحقائق الدينية بكل أبعادها وخصوصياتها، ويتمتع بتملكه العصمة، حتى لا يخضع لتأثير الدوافع النفسانية والشيطانية وحتى لا يرتكب التحريف العمدي في الدين، وكذلك يمكنه القيام بالدور التربوي الذي كان يملكه النبي، والأخذ بيدي الأفراد المؤهلين وإيصالهم الى أسمى درجات الكمال، وكذلك - حين تتوفر الظروف الاجتماعية الملائمة - يتصدى للحكومة وتدبير الامور في الامة الاسلامية، وتنفيذ التشريعات الاجتماعية الاسلامية، وتطبيقها ونشر الحق والعدالة في العالم)
وهذا الكلام المقتبس يعكس جوهر الفكر الامامي عن الحاجة لوجود المعصوم

وبكل بساطة كلامهم ورأيهم ذلك يعارض آيتين كريمتين من كتاب الله الأولى منهما قول الله جل شأنه(اليوم اكملت لكم دينكم)، والشيعة بكلامهم عن الغاية من وجود الإمام المعصوم يعارض تلك الآية....

والآية الثانية التي يعارضها كلامهم عن الغاية من وجود المعصوم ، وبنفس الوقت تنفي الحاجة لوجود الإمام المعصوم قول الحق جل وعلا ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)

كذلك ذكر الله جل وعلا مصدر العلم المنشود وهم أهل الذكر (العلم) في قوله تبارك وتعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ ۖ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) والآية لم تخصص أهل الذكر...
كذلك في قوله جل شأنه (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ * رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ * رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ }
) وهم مصدر من مصادر العلم والذي لم يخصصهم القرآن بعينهم.
والآيات كثيرة في ذكر مصدر آخذ العلم الذي لم يحدده الله جل وعلا بإمام أو أئمة بعينهم.

في تلك الآية يوضح الله تبارك وتعالى أن النفر القليل من المسلمين يكفون الكثيرين من المسلمين في أحكام الدين حينما يسعون لطلب العلم الشرعي *والتفقه*  في الدين... وقد قال الله جل وعلا *ليتفقهوا*  ولم يقل *يطلبوا* العلم الشرعي، والسبب أن العلم منقول فالمتعلم يتعلم من غيره، أما التفقه فهو الفهم والاجتهاد في الفهم.....
وبذلك لا حاجة لوجود إمامٍ معصوم.

صورة نعيم محمدي أمجد (amjad)

الحاجة الماسة للإمام...

سلام عليكم ورحمة الله

1- من اللطيف أنك استشهدت بآية الإكمال، ﴿... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا...﴾ وهي قد نزلت في يوم الغدير وبعدما نصب الرسول (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب (عليه السلام) إماما وقائدا للأمة من بعده...، وهذا الحدث العظيم رواه أهل السنة قبل الشيعة.

2- لو كان الدين كاملا بالمعنى الذي تفضلت وواضحا في كل أحكامه وأوامره، فلم يفسر القرآن الكريم في مئات الكتب وإلى يومنا هذا؟ وفي نفس الوقت نقول: من يضمن لنا صحة هذه التفاسير -وخاصة ما يتعلق بالعقيدة والأحكام- والمفسرون غير معصومين؟

3- حضرتك لم ترد على السؤال الملح الذي أثرته بنفسك ويتضمن تحديا كبيرا! فإذا اختلف المسلمون في مثل الوضوء الذي يمارسونه يوميا -ومثله الكثير- ولا تبدو فيه دوافع إلى التحريف المتعمد، فما بالك بالأحكام والتشريعات الخاصة والزمكانية والتي لا يهواها البعض؟ وأساسا حينما تواجه الخلاف في الأحكام والعقيدة إلى أي جهة تميل ومن أي معين تأخذ أصول الدين وفروعه؟

4- أما عن «أهل الذكر» وكذلك «الراسخون في العلم»، فنعم القرآن الكريم لم يحددهم -ولم يحدد العديد من الأمور بالمناسبة وتركها للنبي وأهل بيته (صلوات الله عليهم)-، لكن لو راجعت الأحاديث، لعرفت أن الروايات خصت أهل البيت (سلام الله عليهم) بالذكر ورأتهم المصداق البارز لذلك، ومنها:

... لما نزلت هذه الآية قال علي (رضي الله عنه): نحن أهل الذكر. (تفسير القرطبي، ج11، ص272)
أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا، كذبا وبغيا علينا؛ أن رفعنا الله ووضعهم، وأعطانا وحرمهم، وأدخلنا وأخرجهم. بنا يستعطى الهدى ويستجلى العمى، إن الأئمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم، لا تصلح على سواهم، ولا تصلح الولاة من غيرهم. (نهج البلاغة، الخطبة ١٤٤)

5-نحن بحاجة وبحاجة ماسة إلى الإمام المعصوم؛ ليفسر لنا المشتبه من القرآن ويوضح لنا الصحيح من الأحكام والعقيدة ولا يسمح لأصحاب الهوى أن يحرفوا الدين عن مواضعه. ولا بد له من العصمة كي لا يخطأ في تفسيره...

 

وللمزيد المفيد اقرأ ما يلي بتمعن:

اذا كانت طاعة الرسول تكفي فلا حاجة الى الامام

ما الحاجة إلى السنة النبوية الشريفة و كتاب الله موجود بأيدينا؟

عصمة الامام

 

وسدد الله خطاك