الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

قبس من ذكرى مقتل أمير المؤمنين عليه السلام

تمر علينا في هذه الليالي ذكرى مقتل أمير المؤمنين وسيد الوصيين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام . .
هذه الذكرى الأليمة التي فجع بها الإسلام ، وأثكل بها رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأدمت قلوب المؤمنين إلى يوم القيامة .
إن حادثة مقتل أمير المؤمنين عليه السلام في شهر رمضان المبارك في سنة 40 من الهجرة ، تثير في النفوس كثيراً من التساؤلات التي تكشف لنا عن كثير من الحقائق ، وتوضح لنا الصورة الحقيقية للناس في ذلك العصر .
عندما ننظر في الأحاديث النبوية الشريفة التي وردت في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ، نجد أنها كثيرة جداً ، وأنها قد اشتملت على بيان أفضليته عليه السلام على سائر الصحابة ، ودلت على خلافته بلا فصل بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأوجبت موالاته ، ومحبته ، وحذَّرت من حربه وسبه وبغضه وعداوته .
منها : قوله صلى الله عليه وآله : من كنت مولاه فعلي 1 .
وقوله : لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق 2 .
وقوله : لأعطين الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه ، يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله 3 .
وقوله : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي 4 .
وقوله : أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأت الباب 5 .
وقوله : أنت أخي في الدنيا والآخرة 6 .
وقوله : من أحب عليًّا فقد أحبَّني ، ومن أبغض عليًّا فقد أبغضني 7 .
وقوله : من سبَّ عليًّا فقد سبَّني ، ومن سبَّني فقد سبَّ الله 8 .
وقوله : من آذى عليًّا فقد آذاني 9 .
إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي تؤكد ما قلناه . إلا أنا إذا نظرنا إلى الحوادث التاريخية نرى أن كثيراً من معاصري أمير المؤمنين عليه السلام قد اجتمعوا على إقصائه ، ومنابذته ، ومعاداته ، وبغضه ، وسبِّه .
قال ابن تيمية في منهاج السنة 7 / 137 : ومعلوم أن الله قد جعل للصحابة مودة في قلب كل مسلم ، لا سيما الخلفاء رضي الله عنهم ، لا سيما أبو بكر وعمر ، فإن عامة الصحابة والتابعين كانوا يودونهما وكانوا خير القرون ، ولم يكن علي كذلك ، فإن كثيراً من الصحابة والتابعين كانوا يبغضونه ويسبونه ويقاتلونه .
فهل يحق لمنصف أن يتجاوز كل الأحاديث السابقة ويصحح فعل من عادى الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وسبَّه وأبغضه ، أو يبرر فعله بأنه قد اجتهد فأخطأ أو أصاب ؟
وهل يحق لمنصف أن يتأسى بكل صحابي مع ما صدر منهم من أمثال هذه المخالفات الصريحة لأقوال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله ، وأفعاله ؟
وهل يحق لمنصف أيضاً أن ينظر إلى كل الصحابة نظرة مثالية ، ويحيطهم بهالة من القداسة ، والحصانة بحيث لا يجوز معها تخطئة أي واحد منهم ، أو التجرؤ عليه بتفسيق أو تضليل مع كل ما صدر منه من المخالفات الواضحة للكتاب والسنة ؟
هذه تساؤلات تحمل في طياتها الجواب ، وهو لا يخفى على كل فطن لبيب 10 .

  • 1. مولاه سنن الترمذي 5 / 633 وقال : حديث حسن صحيح .
  • 2. صحيح مسلم 1 / 86 .
  • 3. صحيح البخاري 5 / 22 .
  • 4. صحيح البخاري 5 / 24 .
  • 5. المستدرك 3 / 126 .
  • 6. سنن الترمذي 5 / 636 وقال : حديث حسن .
  • 7. المستدرك 3 / 130 ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي .
  • 8. المستدرك 3 / 121 ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي .
  • 9. المستدرك 3 / 122 ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي .
  • 10. نشرت هذه المقالة في الموقع الرسمي لسماحة الشيخ علي آل محسن .

3 تعليقات