لقد ورد في سبب نزول هذه الآية الشريفة أنها نزلت بحق علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) في كثير من الروايات من طرق الفريقين، أنهاها العلامة الطباطبائي (قدس سره) إلى ما يزيد عن سبعين رواية عن مختلف الصحابة ومنهم عائشة.
مسند الطيالسي: حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن سمّاك، قال: سمعت جابر بن سمرة، يقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول: «إنّ الاسلام لا يزال عزيزا إلى اثني عشر خليفة» . ثمّ قال كلمة لم أفهمها، فقلت لأبي: ما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله؟فقال: قال: «كلّهم من قريش».
في مسند أحمد بن حنبل ، عن أم سلمة أن النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) كان في بيتها فأتت فاطمة ببرمة فيها خزيرة فدخلَتْ بها عليه. فقال لها : " إدعي زوجك و ابنيك ". قالت : فجاء علي و الحسن و الحسين فدخلوا عليه ، فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة ...
كيف نؤمن فعلاً بوجود المهدي ؟ وهل تكفي بضع روايات تنقل في بطون الكتب عن الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم للإقتناع الكامل بالإمام الثاني عشر على الرغم ممّا في هذا الإفتراض من غرابة وخروج عن المألوف ؟ بل كيف يمكن أن نثبت أنّ للمهدي وجوداً تاريخيّاً حقّاً وليس مجرد افتراض توفرت ظروف نفسيّة لتثبيته في نفوس عدد كبير من الناس؟
رُوِيَ عن الامام محمد بن علي الباقر عليه السلام أنهُ قال : " مَنْ لَقِيَ اللَّهَ مَكْفُوفاً مُحْتَسِباً مُوَالِياً لِآلِ مُحَمَّدٍ عليهم السلام لَقِيَ اللَّهَ وَ لَا حِسَابَ عَلَيْهِ "
إذا كان النبيّ قد بيّن جميع الأحكام إثباتاً، فلماذا يقول الشيعة بأنّ الأئمّة معصومون، ويقدّسونهم بهذه الطريقة الغريبة إذا كان عملهم يقتصر على تطبيق الأحكام على موضوعاتها، مثلهم مثل أيّ عالم يمارس عمليّة الاستنباط؟ لماذا لا يكونون واقعيّين بعض الشيء ويُعرضون عن هذه التصوّرات الوهميّة عن الأئمّة؟
إنّ السيرة الذاتية والعملية والمواصفات الشخصية للإمام الخميني "قده" تؤكّد بما لا يدع مجالاً للشكّ أنّ هذا القائد الربّاني الملهم كان يعتبر أنّ الأخذ بسيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأئمة أهل البيت (عليهم السلام) هي حجر الأساس في بناء الشخصية الإسلامية المؤمنة والمجاهدة والواعية والقادرة على تحمّل أعباء المسؤولية والقيام بالمهام الرسالية على الوجه الأفضل.
قالها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلمةً صريحةً واضحة وضوح الشمس (الأئمة من بعدي اثنا عشر)، ولم تكن هذه الكلمة الصريحة الواضحة مقولة دوّنتها مصادر الشيعة فقط ليكونوا متهمين، وإنّما هي مقولة دونتها كل مصادر الحديث عند المسلمين. تعددت الألفاظ والصياغات إلا أنّها جميعا تؤكد وجود نخبة متميزة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، هذه النخبة المتميزة عددها أثنا عشر. والسؤال هو من هم هؤلاء النخبة المتميزون بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟.
قال رسول الله ﷺ: ”أدبّوا أولادكم على ثلاث خصال: حبّ نبيكم، وحبّ أهل بيته، وقراءة القرآن“.
وبأسانيد معتبرة صحيحة عن الإمام الرضا ، عن آبائه، عن رسول الله ﷺ، قال: ”إذا كان يوم القيامة نادى مناد: يا معشر الخلائق غضّوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة بنت محمد“.
لا شكّ أن من يرجع إلى التاريخ، يجد واضحاً جليّاً، أن آل عليّ هم ميزان المجتمع وقادته وسادته. قد ورث كلّ واحد منهم الفضائل من معدنه، وأخذ المكرمات من مصادرها. وهذا الإرث الجليل قد هيّأهم لنصرة الحقّ والعمل في سبيله. وهم لم يرثوا هذا الحقّ، ليستغلّوه لصالح أنفسهم، وإنّما كان في أيديهم حقّاً مشاعاً للناس، بحيث يكون لكلّ بيت من هذا الحقّ نصيب.
نأتي الآن إلى دعوة الإسلام إلى التمسك بأهل البيت؛ وقبل أن نقارب سرَّ هذه الدعوة وهدفَها، نُبيِّن بعض النصوص التي أكّدت على وجوب التمسك بأهل البيت والولاء لهم:
الامامة هي خلافة عن النبوة، قائمة مقامها إلا في تلقي الوحي الإلهي بلا واسطة، و هي امتداد لوظائف النبوة و استمرار لأهدافها و مسؤولياتها بعد إرتحال النبي (صلى الله عليه و آله).