ربما عندما نقرأ عن الصوم وعن شهر رمضان في آيات الذكر الحكيم وفي الأحاديث الشريفة، لا نركِّز إلَّا على الجوانب الفردية في هذا الشهر المبارك وفي هذه العبادة العظيمة، بينما الرسول الأعظم (ص) وأئمة الهدى يذهبون الى أبعد مدى من هذا، حيث يؤكدون - الى جانب تزكية النفس بالصوم، والتوبة الى الله، وغفران الذنوب - يؤكدون أيضاً على المسؤولية الإجتماعية والتكافل والإهتمام بشؤون الآخرين ممن حولنا.
بتاريخ 20 رمضان سنة 1399هـ الموافق 7/8/1979، اقترحالإمام الخميني في بيان وجّههُ إلى مسلمي العالم أن يكون آخر جمعة من شهر رمضان المبارك "يوم القدس" ودعا كافة مسلمي العالم أن يعلنوا في هذا اليوم الذي هو من أيام القدر تأييدهم للحقوق القانونية للشعب الفلسطيني المسلم، وإليكم نصّ بيان الإمام:
الأخلاق الحسنة مطلوبة في كل وقت وحين، ولكن في شهر رمضان مطلوبة أكثر، وهو فرصة لتحسين الأخلاق فيه؛ لما يفيضه هذا الشهر على الصائم من فيوضات روحية ومعنوية وأخلاقية عالية، ولأن الصائم فيه أكثر قابلية لتهذيب نفسه، وتغيير مسلك أخلاقه، وتعديل سلوكه.
مما لا شك فيه أن هنالك مواسم ومناسبات مهمة جداً يتمكن المبلّغون من ممارسة دورهم الرسالي لأن الأجواء يمكن أن تساعد ولو في الحدود الدنيا على القيام بهذه الوظيفة الإلهية المقدسة ومن هذه المواسم شهر رمضان المبارك الذي يعتبر من أهم المواسم لممارسة هذا النشاط المؤثر الذي يأخذ أبعاداً غيبية من جهة، واجتماعية من جهة أخرى.
الرَّبِيعُ هو أَحد فصول السنة الأربعة ، و هو الفصل الذي تستيقظ فيه الطبيعة من سباتها بعد شهور الشتاء ، و فصل الربيع يضرب به المثل في النشاط و الحيوية و نزول الامطار المفيدة التي تحيي الأرض بعد موتها و تخضر الاراضي الزراعية و غيرها و التي تبشر كلها بالخير و البركة ، و بما أن شهر رمضان المبارك شهر متميز من حيث العبادة و الدعاء و التوجه إلى طاعة الله و التقرب إليه و مضاعفة الثواب و الأجر و نزول البركات فيه فلذلك شُبِّه بالربيع ، و بما أن نزول القرآن الكريم كان في شهر رمضان المبارك فهو ربيع القرآن .
شهر رمضان المبارك أفضل منطقة زمنية يمرّ بها الإنسان خلال العام حيث اختصّه الله بالخير الفضيل من بين سائر الأزمنة والأوقات ﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ... ﴾1، فقد جعل فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، واختاره لنزول القرآن.
وقد ورد عن النبي : «سَيِّدُ الشُّهورِ شَهرُ رَمَضانَ» .
روى الصدوق وبسند مُعتبر عَن الرّضا عليهالسلام عَن آبائِه عَن أمير المُؤمنين عَليهِ وعلى أولاده السَّلام ، قالَ : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله خطبنا ذات يَوم فقالَ :
أيها النّاس إنّه قَدْ أقبل إليكم شَهرُ الله بالبركةِ والرحمة والمغفرة شَهر هُوَ عِندَ الله أفَضل الشهور وأيامه أفضلُ الأيام ولياليهِ أفَضل الليالي وساعاته أفَضل الساعات...
يتميز الصوم من بين سائر العبادات بأنه متقوّم بترك أشياء معينة لمدة معينة كل يوم تبدأ من "طلوع الفجر الصادق" وتنتهي بـ"الغروب الشرعي" الذي يتحقق بذهاب الحمرة المشرقية، فإذا ترك الصائم الأشياء التي سنذكرها مع توافر الشروط العامة والخاصة لوجوب الصوم يقع الصوم صحيحاً ومبرءاً للذمة بنحو لا يجب معه على الإنسان القضاء.
أنّ المتقين هم أهل الفضائل والخصال الحميدة والأخلاق الرفيعة، ومن مواصفاتهم الأساسية المنطق الصواب في القول وفي الفعل فلا يتسرّعون ولا يتحاملون ولا يظلمون.
وإذا كانت حكمة الله اقتضت نظاما بموجبه تكون ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ... ﴾1، فإنها ارتضت لنا دينا وخلقا وسلوكا لا يتغير بتغير الشهور ولا يتبدل بتبدل الأزمان، ولا يتأثر بتعاقب الليل والنهار.
وهذه الوحدة هي الحصن المنيع لكل بلاد المسلمين لأنها تحمي المسلمين وتجعلهم بعيشون حياة مليئة بالعزة والكرامة والاستقلال والإرادة المتحررة من كل الضغوطات الداخلية أو الخارجية، وتجمعهم كلمة لا إله إلا الله، محمد رسول الله صلى الله عليه و أله.
في شهر الله، شهر البركة والرحمة والمغفرة، والذي يعد أفضل الشهور بأيامه وساعاته، وجميع لحظاته، وهو شهر استثنائي ومميز، وهو دورة تدريبية سنوية ومدرسة تربوية يتعلم فيها الصائم الكثير، منها:
ما أكثر الدموع التي تتهاطل من أعيننا في لحظات الخشوع والتذلل لله سبحانه وتعالى، حيث يكون الإنسان مستذكرا لتقصيره ولما اقترفته يداه وهو بين يدي خالقه يدعو ويتضرع.