حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
لكي لا يخسر العالم العربي عصر الاصلاح؟ 3ـ3
من خطاب الثورة في زمن، إلى خطاب النهضة في زمن أخر، ها نحن قد وصلنا إلى خطاب الإصلاح، فهل دخل العالم العربي مرحلة الإصلاح؟ وكيف نكسب هذه المرحلة ولا نخسرها كما خسرنا الوعود والآمال في المراحل السابقة؟
ولكي نكسب هذه المرحلة علينا أن نعرف ماذا نريد على مستوى النظر، لكي نكتسب الحكمة والرؤية الواضحة؟ وأن نحدد الشروط والمتطلبات على مستوى العمل، لكي نكتسب الإرادة والعزيمة؟
وفي هذا الشأن يمكن الحديث عن الحقائق التالية:
أولاً: من المؤكد إننا في هذه المرحلة الحساسة والمعقدة بحاجة إلى مراجعات جذرية وشاملة لأوضاعنا وأحوالنا على مستوى الأبعاد كافة. على أن تنطلق هذه المراجعات من إرادة جريئة وشجاعة تغلب مصالح الأمة والأوطان على أي مصلحة أخرى، وتدفع نحو الإصلاح الحقيقي وليس مجرد التظاهر بإصلاحات فوقية أو شكلية لا تستند على أساس عميق ومتماسك.
ثانياً: لا نختلف على أن الإصلاح الذي نريده ينبغي أن يكون معبراً عن إرادتنا وتصوراتنا وضروراتنا، لا أن يكون مفروضاً علينا من الخارج. والسؤال أين هو الإصلاح الذي نحن نريده ونتحدث عنه. لهذا ينبغي أن نبدأ بالإصلاح الفعلي، قبل أن يفرض علينا بدون إرادتنا ونكون عندئذٍ من النادمين. فنحن أمام أوضاع لا تحتمل تأجيل الإصلاح، فقد أصبح الإصلاح في منزلة الضروريات الواجبة.
ثالثا: إن الإصلاح الحقيقي يبدأ من مصالحة الدولة مع الأمة، وعودة الدولة إلى الأمة، بعد أن أصبحت الدولة كما يعبر البعض عن حق ضد الأمة. وهذه هي إشكالية الدولة عندنا في مجالنا العربي. في حين أن الأمة في العرف والقانون والتاريخ هي مصدر الشرعية ومصدر السلطة في الدولة. والمقصود من عودة الدولة إلى الأمة أن تصبح الدولة لجميع المواطنين، يكون المواطن فيها مكرماً وعزيزاً، ويستطيع أن يأخذ حقه بدون خوف ورهبة، وبالعدل والقانون. وهذا يتطلب الاهتمام بإصلاح القضاء الذي يرد الحق لصاحب الحق بالعدل والمساواة.
رابعا: لا شك إن هذا الإصلاح بحاجة إلى برنامج منظم ومدروس بعناية، والمشكلة دائماً ليست في القدرة على وضع البرنامج، وإنما في الإرادة والعزيمة القادرة على تحويل البرنامج من مرحلة القوة إلى مرحلة الفعل، وفي الإشراف والرقابة على سير ومراحل التنفيذ والتطبيق. وهذا يتطلب الاهتمام بالإصلاح الإداري في المؤسسات.
خامساً: ينبغي أن نبرهن على عدم التعارض بين الإسلام والديموقراطية، وبين الإسلام والتقدم. وأن بالإمكان قيام ديموقراطية في المجتمعات الإسلامية، وفي ظل وجود الإسلام. وأن بإمكان الإسلام أيضاً أن يقيم ديموقراطية تتكيف مع طبيعة ومكونات المجتمعات الإسلامية. كما أن الإسلام فيه أقوى البواعث نحو التقدم، وبالتالي فإن المجتمعات الإسلامية بإمكانها أن تتقدم في ظل وجود الإسلام، وبإمكان الإسلام أن يدفع هذه المجتمعات نحو التقدم. أقول هذا الكلام حتى لا ينحى الإسلام جانباً كما يرغب البعض بدعوى الإصلاح، أو يكون الإصلاح متعارضاً مع الدين من ناحية الهوية أو الأخلاق ومنظومة القيم.
لقد دخلنا عصر الإصلاح والخوف الحقيقي هو أن نغادره دون أن نصلح حالنا. قال تعالى ﴿ ... إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ... ﴾ 1 2
- 1. القران الكريم: سورة الرعد (13)، الآية: 11، الصفحة: 250.
- 2. الموقع الرسمي للأستاذ زكي الميلاد و نقلا عن صحيفة عكاظ ـ الأربعاء 9 فبراير 2005م، العدد 14046.