تقيمك هو: 4. مجموع الأصوات: 15
نشر قبل سنة واحدة
القراءات: 1599

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

هل يمكن الحديث عن منهجية اسلامية؟

من التساؤلات المطروحة في النقاش السائد حول المنهج والمنهجية في المجال العربي المعاصر، التساؤل حول العلاقة بين المنهجية والإسلامية، وهل يمكن الحديث عن منهجية إسلامية؟
أمام هذا التساؤل المنهجي حول المنهجية، هناك جهتان في طريقة النظر لهذه القضية، من حيث المعالجة، وتكوين المعرفة، وهاتان الجهتان هما:
الجهة الأولى: وتتصل بالناحية الفنية والتقنية، ومن هذه الجهة هناك من يرى أن المنهجية لا توصف بالإسلامية، وليست بحاجة إلى هذه الوصف، ولا مكان له في هذا الشأن ولا تأثير، فلا ينبغي التمسك بهذا الأمر، والإصرار والتشدد عليه، فهو وصف زائد لا ضرورة له، وما لا ضرورة له لا مكان له من الإعراب.
ويذهب إلى هذا الرأي الباحث المصري الدكتور نصر محمد عارف، وأشار إليه في تقديمه لكتاب (قضايا المنهجية في العلوم الإسلامية والاجتماعية)، الصادر في القاهرة سنة 1996م، وحسب رأيه: أن المنهجية لا توصف بالإسلامية، لأنها بحث في الوسائل، والوسائل عامة تقل فيها عناصر الخصوصية، أو كما يقول الإمام السيوطي في (الأشباه والنظائر في فقه الشافعية)، إنه يغتفر في الوسائل ما لا يغتفر في المقاصد، ومن ثم فوصف الإسلامية ينبغي أو يجدر أن يوسم به النموذج المعرفي، أو النظام المعرفي، أو النسق المعرفي، لأنه هو الأساس الذي تبنى عليه المنهجية.
الجهة الثانية: وتتصل بالناحية الفكرية والمعرفية، ومن هذه الجهة يمكن القول إن بالإمكان وصف المنهجية بالإسلامية، وبشكل يقال عنها منهجية إسلامية، وذلك من جانبين:
الجانب الأول: الجانب التطبيقي، ونعني به تلك المنهجيات المطبقة على العلوم والمعارف الإسلامية، التي يمكن القول عنها إنها منهجيات إسلامية، كالمنهجية المطبقة في تفسير القرآن الكريم وحقله الدراسي، والمنهجية المطبقة في علم الحديث وحقله الدراسي، وهكذا المنهجية المطبقة في علم الكلام وحقله الدراسي.
الجانب الثاني: الجانب التوليدي، ونعني به تحديدا ما يصدق على علم أصول الفقه بوصفه يمثل منهجا إسلاميا خالصا، ظهر قبل عصر الترجمة، وليس له نظير عند الثقافات والحضارات الأخرى السابقة واللاحقة.
ومن أنجح الأعمال الفكرية المعاصرة، التي وجدتها تمثل نموذجا في دراسة المنهج نظريا وتطبيقيا، هو كتاب أستاذ الفلسفة الشهير في مصر الدكتور إبراهيم مدكور الموسم: (في الفلسفة الإسلامية.. منهج وتطبيقه)، الصادر في القاهرة سنة 1947م.
ويعد هذا الكتاب في نظري من أكثر المؤلفات وضوحا في المنهج من الناحيتين النظرية والتطبيقية، واتسم بالتجديد والابتكار من هذه الناحية، وكانت هذه من أعظم نجاحاته، إذ يمكن القول إنه كتاب في الفلسفة من جهة، وكتاب في المنهج من جهة أخرى، ولا يزال إلى اليوم يحتفظ بهذه السمة المتفوقة.
وقليلة هي الكتابات التي تميزت بالتفوق المنهجي، أو التجديد المنهجي في الدراسات العربية والإسلامية، ولهذا فإن كتاب الدكتور إبراهيم مدكور يصلح أن يكون كتابا نموذجيا يحتذى به في حقل المنهج وتطبيقاته، وبإمكانه أن يقدم من هذه الناحية، ويدرس كنموذج في كيفية تطبيقات المنهج في حقل الفلسفة الإسلامية وتاريخها1.

  • 1. الموقع الرسمي للأستاذ زكي الميلاد و نقلا عن صحيفة عكاظ، العدد 17122.