نشر قبل 3 سنوات
تقيمك هو: 1. مجموع الأصوات: 18
القراءات: 4874

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

الشماتة بأعداء الدين

نص الشبهة: 

هل هناك أحاديث تنهى عن الشماتة بالعدو (المفسد في الأرض أو قاتل المؤمن بلا مبرر) .. نرجو ذكرها مع المصدر إن وجدت؟

الجواب: 

 

الشماتة هي السرور والفرح لمصيبةٍ وقعت على مَن لا تُحب، وما وقفنا عليه في الروايات الواردة عن الرسول (ص) وأهل بيته (ع) هو النهي عن إظهار الشماتة بالمؤمن.

 

فمنها: ما روي عن الرسول الكريم (ص) قال: "لا تُظهر الشماتة بأخيك فيرحمه الله ويبتليك"1.

 

ومنها: ما روي عن أبي عبد الله (ع) أنَّه قال: "لا تُبدي الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويصيرها بك، وقال: من شمت بمصيبةٍ نزلت بأخيه لم يخرج من الدنيا حتى يفتتن"2.

 

والمراد من الأخ في الروايتين هو مَن تربطك به علاقة الإيمان كما في قوله تعالى:﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ... 3(3).

 

ومن مثل هاتين الروايتين -بضميمة ما دلَّ على حرمة الإيذاء للمؤمن أو امتهانه- يتَّضح أنَّ إظهار الشماتة لمصيبةٍ وقعت على مؤمن تكون محرمة حتى وإن كانت بين الشامت وبين المُصاب غضاضة أو جفوة ومهاجرة ترقى لمرتبة العداوة لكونه أفرط في الإساءة إليه أو كانت له عنده مظلمة، فكلُّ ذلك لا يُسوِّغ شرعًا إظهار الشماتة به لمصيبةٍ وقعت عليه في نفسه أو في عرضه أو ماله.

 

وأما الشماتة بمعنى الابتهاج والسرور لمصيبةٍ وقعت على على عدوٍّ من أعداء الدين فذلك لا محذور فيه ولا إشكال، وذلك مضافًا إلى أنَّ المكلَّف لا يُحاسب على مشاعره ما لم تنعكس على سلوكه فإنَّه قد تستفاد المشروعيَّة من مثل قوله تعالى: ﴿ غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ 4(4) فالآية تحكي عن حال المؤمنين وأنَّهم سيفرحون بهزيمة الكافرين وانكسارهم وزوال شوكتهم، وفي ذلك تقرير ظاهر في المشروعيَّة.

 

وكذلك يمكن استفادة الجواز من مثل الدعاء المأثور عن أمير المؤمنين (ع): اللهم مَن كان في موته فرحٌ لنا ولجميع المسلمين فأرحنا منه، وأبدل لنا به مَن هو خير لنا منه حتى تُريَنا من علم الإجابة ما نتعرَّفُه في أدياننا ومعايشنا يا أرحم الراحمين".

 

فالرواية صريحة في مشروعيَّة إستشعار الفرح بموت عدو الدين والمسلمين، وهي كذلك ظاهرة في المشروعيَّة حتى بناء على أنَّ الوارد في الدعاء المأثور كلمة "فرج" بدلاً من كلمة "فرح" كما في بعض النسخ.

 

ومنشأ الاستظهار لذلك هو قوله (ع): "فأرحنا منه" فإنَّ الراحة تستبطن أو تستلزم معنى الابتهاج واستشعار الفرح.

 

وأما الإظهار للشماتة بأعداء الدين فإن كانت بالنحو الذي يليق بأخلاق المؤمنين -كالشكر لله تعالى والسجود له جلَّ وعلا حال وقوع المصيبة على عدوِّ الدين وكذلك التصدُّق على الفقراء أوإظهار الابتهاج بالمستوى الذي يليق بوقار المؤمن فلا يتعاطى الهجر من القول كالسباب أو البذيء من الكلام وشبهه- فذلك جائز بل هو راجح، لأنَّه من التوهين لأعداء الدين، ولعل مما يؤيد ذلك ما ذكره بعض المؤرخين من أنَّ الإمام السجاد (ع) جهر بحمد الله تعالى حين بلغه مقتل عبيد الله بن زياد الذى تولَّى قتل الحسين (ع) "وسجد شكرا لله تعالى وقال: الحمد لله الذي أدرك لي ثأري من عدوِّي" وروى بعض المؤرخين الإمام السجاد (ع) لم يُر ضاحكًا منذ قُتل الحسين (ع) إلا في ذلك اليوم وأنَّ مِن فعلِه في ذلك اليوم أنَّه فرَّق الفاكهة على أهل المدينة تاريخ اليعقوبي. 5

 

والحمد لله رب العالمين 6

  • 1. وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 3 ص 266.
  • 2. الكافي -الشيخ الكليني- ج 2 ص 359.
  • 3. القران الكريم: سورة الحجرات (49)، الآية: 10، الصفحة: 516.
  • 4. القران الكريم: سورة الروم (30)، الآيات: 2 - 4، الصفحة: 404.
  • 5. تاريخ اليعقوبي -اليعقوبي- ج 2 ص 259.
  • 6. المصدر : موقع سماحة الشيخ محمد صنقور حفظه الله.