ما هي العلل العلمية في تشريع الأحكام الخمسة ؟

للإجابة على هذا السؤال لابد و إن نشير أولاً إلى أن الأحكام الشرعية الخمسة 1
تنقسم من حيث بيان علة تشريعها إلى ما يلي :
1. الأحكام التي صرّح القرآن الكريم أو الأحاديث الشريفة المأثورة عن النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) أو عن أهل بيته المعصومين ( عليهم السَّلام ) بعلّة تشريعها بصورة كاملة ، أو أشير إلى بعض العلل و الأسباب التي تُعدّ سبباً رئيسياً في تشريع حكمها .
و من الأمثلة على ذلك ، تشريع صيام شهر رمضان المبارك ، فمثلاً بالنسبة إلى العلة في وجوب صيام هذا الشهر المبارك ، نجد أن هناك عِللاً ذُكرت بعضها في القرآن الكريم ، أما البعض الآخر فلم يذكرها القرآن بل ذكرتها الأحاديث الشريفة المروية عن الرسول المصطفى ( صلَّى الله عليه و آله ) ، أو عن أئمة أهل البيت ( عليهم السَّلام ) .
يقول القرآن الكريم : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ 2 .
و يقول النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) : " صوموا تصحوا " 3 .
و يقول الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) : " إنما فرض الله الصيام ليستوي به الغني و الفقير ، و ذلك أن الغني لم يكن ليجد مسّ الجوع فيرحم الفقير ، و إن الغني كلما أراد شيئاً قدر عليه ، فأراد الله تعالى أن يسوي بين خلقه ، و إن يُذيق الغني مسَّ الجوع و الألم ، لِيَرِّق على الضعيف و يَرْحَمَ الجائع " 4 .
و بعد ملاحظة ما مرّ ، يمكن القول بأن علة تشريع الصيام حسب المذكور في القرآن و الحديث إنما هي : تحصيل التقوى ، و رعاية الصحة ، و بَث روح المواساة ، و خلق حالة الرفق و الرحمة في قلوب الأغنياء بالنسبة إلى الفقراء .
و مع هذا فلا يسعنا أن نحصر العلة التامة لتشريع الصيام فيما ذُكر ، فقد تكون هناك أسباباً و عللاً أخرى لم تذكر في القرآن و لا في الحديث لأسباب مختلفة .
2. الأحكام التي سكت القرآن الكريم عن بيان علة تشريعها بالمرّة ، و لم تُشر الأحاديث الشريفة أيضا إلى شيء من فلسفة تشريعها ، مثل عدد ركعات الصلوات .
3. الأحكام التي ذُكرت علةُ تشريعها بصورة عابرة و موجزة ، مثل بعض مناسك الحج .

  • 1. المقصود بالأحكام الخمسة هو :
    1. الواجب .
    2. الحرام .
    3. المستحب أو المندوب .
    4. المكروه .
    5. المباح .
  • 2. القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 183 ، الصفحة : 28 .
  • 3. بحار الأنوار ( الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ) : 55 / 267 و 89 / 255 ، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي ، المولود باصفهان سنة : 1037 ، و المتوفى بها سنة : 1110 هجرية ، طبعة مؤسسة الوفاء ، بيروت / لبنان ، سنة : 1414 هجرية .
  • 4. وسائل الشيعة ( تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة ) : 7 / 3 ، أول كتاب الصوم ، للشيخ محمد بن الحسن بن علي ، المعروف بالحُر العاملي ، المولود سنة : 1033 هجرية بجبل عامل لبنان ، و المتوفى سنة : 1104 هجرية بمشهد الإمام الرضا ( عليه السَّلام ) و المدفون بها ، طبعة : مؤسسة آل البيت ، سنة : 1409 هجرية ، قم / إيران .

تعليق واحد