مجموع الأصوات: 24
نشر قبل سنة واحدة
القراءات: 1523

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

قال الله تعالى:﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ... 1.

تتحدث هذه الآية الكريمة بنحو الأمر لعموم المسلمين بأن تنصرف مجموعة منهم تتولى الدعوة الى الخير، ولا شك بأن الخير المقصود هنا هو المصالح والمنافع التي تعود الى مجموع الأمة المسلمة، وذلك عبر الحفاظ على التوجهات الأساسية التي فيها صيانة للأمة من الإبتعاد أو الإنحراف عن الأهداف الصحيحة أو الحياة الكريمة، وتوضح الآية أن الدعوة الى الخير تكون عبر سلوك سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن هذه الوسيلة هي الأكثر فاعلية وتأثيراً لردع كل الذين تسول لهم نفوسهم المريضة إرتكاب المحرمات أو ترك الواجبات التي يشكل إنتشارها خطراً وتهديداً للحياة ببعديها الديني الإيماني من جهة، والإجتماعي الأخلاقي من الجهة الثانية، لأن إفساح المجال أمام أولئك المنحرفين الذين يتجرأون على أن يخالفوا أحكام الله التي تستند إليها الحياة الإسلامية العامة، وهي بمثابة دعوة مفتوحة لكل الضعاف في الإيمان والسلوك الى تقليد أولئك الذين فتحوا السبيل أمام غيرهم، ولهذا نجد الكثرة في الأحاديث التي تشير الى ضرورة محاربة مثل هذه التجاوزات، كما في الحديث المعروف (من رأى منكراً فليغيره بيده، فمن لم يستطع فبلسانه، فمن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان).

ولأجل هذا الناتج الكبير والمهم المترتب على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رتب علماؤنا الفكرة التي تقول بأن الأئمة (عليهم السلام) مأمورون بحفظ أهداف الشريعة وهم المكلَّفون بأن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، وهذه الفكرة إن دلت على شيء فهي تدل بوضوح على ضرورة أن يتصدى المسلمون بقيادة علمائهم الى القيام بهذا التكليف العظيم الذي يصون دينهم وكرامتهم وأعراضهم ويحفظ بالتالي عزتهم ويجعلهم قادرين على محاربة كل الذين يسعون لنشر هذا الفساد المخالف لسيرة الأئمة وتاريخها وتوجهاتها.

وعندما نتأمل في الحديث التالي (لَحَدٌّ واحدٌ يُقام في الأرض خيرٌ من مطر أربعين صباحاً) ندرك مدى الخطورة المترتبة على ترك هذا التكليف الإلهي العظيم، حيث لا يوجد بعد تركه سوى الإنحلال وتفكك عرى العائلة والمجتمع وسوى البحث عن الشهوات والملذات والغرق في مستنقع الدنيا الخسيسة الفانية.

وقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في ضمن خطبة له عن هذا الواجب حيث يقول (عليه السلام): (من أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن، ومن نهى عن المنكر قصم ظهر المنافق)، وهذه من النتائج العظيمة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث لن يضعف المؤمن أمام المغريات، بل سيزداد قوة وثباتاً عندما يرى أن هناك فئة من الأمة ما زالت متمسكة بدينها، وتعمل من أجل الحفاظ على القيم والتوجهات، وتقف في وجه المنحرفين، فهذا الجو الإيماني يجعل المؤمن ذا قدم راسخ وثابت ويشجعه على التعمق في خط الإيمان والإسلام والحياة الهادفة، لأن الأجواء التي ينشرها الأمر بالمعروف تعطيه الثقة والقوة في النفس والإرادة، فيندفع بالتالي لخدمة الأمة بشوق ورغبة للمساعدة في تقوية التوجهات السليمة نحو الإرتباط الصحيح أو الإرتباط الأقوى لأنه لن يرى نفسه وحيداً، بل الى جانبه كل المؤمنين الذين يقوى بهم ويعتمد عليهم بعد الله في القيام بمهام هذا التكليف، ومن حيث النهي عن المنكر، فإن الفاسقين والمنحرفين والمنافقين عندما يرون أن هناك أناساً لا يستجيبون لدعواتهم الى الفساد والإنحراف ويتصدون لما يحاولون إشاعته من المحرمات بين الناس سوف ينسحبون أو يختفون أو على الأقل فلن يكون أولئك قادرين على القيام بحركة إعلامية واسعة بين أوساط المجتمع لأن هناك من يفضح أهدافهم الخبيثة ويحذر الناس من الإستجابة لتلك الأطروحات المخالفة لقيم الإنسان، والبعيدة عن الأهداف السليمة للمسلم بالخصوص والمنافية لأخلاقياته وسلوكياته.

لهذا كله، نحن نعتقد أن هذا الواجب العظيم مما ينبغي ويجب على كل مسلم قادر أن يقوم به في هذا الظرف العصيب، حيث هجوم السلام المشبع بكل أنواع السموم الأخلاقية والسلوكية والشهوانية التي نراها في شاشات التلفزيونات في البيوت أو إعلانات الجرائد أو الشوارع وفي الأفلام الخليعة المعروضة هنا وهناك بأشكال علنية أو سرية أو الجرائد التي تحمل القصص الإباحية البذيئة أو الذين يعملون على الترويج للتطبيع مع العدو الغاصب الذي يريد فصلنا عن ديننا وإسلامنا على أيدي الفئة المنافقة من هذه الأمة.

إن واجبنا الشرعي والإنساني الأخلاقي يحتم علينا أن نتصدى لهذه الموجة الإنحرافية بكل ما أوتينا من القوة والقدرة لنرد هذا الأذى عن الأمة ونحفظ توجهها نحو الخير كما تدعونا الآية الكريمة الى ذلك.

والحمد لله رب العالمين2.