مجموع الأصوات: 5
نشر قبل يومين
القراءات: 76

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

غرض التكليف

غرض التكليف1

إنّ تكليف اللّه تعالى للعباد:

1 ـ ليس فيه غرض: وهو محال ، لأنّ التكليف لغير غرض عبث، وفعل العبث قبيح ، واللّه تعالى منزّه من فعل القبيح.

2 ـ فيه غرض: وهو الصحيح.

وهذا الغرض:

1 ـ مضرّ: وهو محال، لأ نّه قبيح ، واللّه تعالى منزّه من فعل القبيح.

2 ـ مفيد: وهو الصحيح.

وهذه الفائدة:

1 ـ تعود للّه تعالى ، وهو محال، لأ نّه يستلزم النقص والحاجة في ذاته تعالى ، واللّه تعالى كامل وغني في ذاته وصفاته.

2 ـ تعود لغير اللّه تعالى: وهو الصحيح.

وهذا الغير هو:

1 ـ غير المكلَّف: وهو غير صحيح ، لأنّ المكلَّف هو المتحمّل مشقة التكليف ، فينبغي أن يكون هو المنتفع لا غيره.

2 ـ المكلَّف: وهو الصحيح.

وهذه الفائدة التي يحصل عليها المكلَّف هي:

1 ـ جلب نفع أو دفع ضرر (أي: الحصول على الثواب والاجتناب عن العقاب): وهو غير صحيح ، لأنّ الكافر الذي يموت على كفره مكلّف مع أنّ تكليفه لا يجلب له نفعاً ولا يدفع عنه ضرراً.

2 ـ تعريض 2 للنفع وتحذير من الضرر (أي: تعريض للثواب وتحذير من العقاب): وهو الصحيح.

حديث شريف:

قال الإمام علي(عليه السلام):

"أ يّها الناس! إنّ اللّه تبارك وتعالى لمّا خلق خلقه أراد أن يكونوا على آداب رفيعة وأخلاق شريفة.

فعلم أنّهم لم يكونوا كذلك إلاّ بأن يعرّفهم ما لهم وما عليهم.

والتعريف لا يكون إلاّ بالأمر والنهي.

والأمر والنهي لا يجتمعان إلاّ بالوعد والوعيد.

والوعد لا يكون إلاّ بالترغيب.

والوعيد لا يكون إلاّ بالترهيب.

والترغيب لا يكون إلاّ بما تشتهيه أنفسهم وتلذّه أعينهم.

والترهيب لا يكون إلاّ بضدّ ذلك.

ثمّ خلقهم في داره.

وأراهم طرفاً من اللذات، ليستدلّوا به على ما ورائهم من اللذات الخالصة التي لا يشوبها ألم ، ألا وهي الجنة.

وأراهم طرفاً من الآلام، ليستدلوا به على ما ورائهم من الآلام الخالصة التي لا يشوبها لذة، ألا وهي النار.

فمن أجل ذلك ترون نعيم الدنيا مخلوطاً بمحنهم.

وسرورها ممزوجاً بكدرها وغمومها"3.

انقطاع التكليف:

ينبغي أن يكون التكليف منقطعاً ومحدّداً بفترة زمنية معيّنة ، لأنّ التكليف يتبعه الحصول على الثواب الإلهي، ودوام التكليف يوجب عدم إمكان الحصول على ذلك الثواب، فلهذا ينبغي أن يكون التكليف الذي فيه مشقة منقطعاً، ليصل المكلّف بعد ذلك إلى الثواب الذي لا مشقة فيه 4.

إشكال وردّ:

أشكل البعض، إذا كان الغرض الإلهي من تكليف العباد هو أن يعطيهم النفع، فإنّ اللّه تعالى قادر على إيصال هذا النفع إليهم من غير واسطة التكليف، فلهذا يكون التكليف عبثاً5.

يرد عليه:

1 ـ إنّ اللّه تعالى هو الذي خلق نظام الأسباب، وهو الذي شاءت حكمته أن تتوقّف بعض الأُمور على البعض الآخر في الواقع الخارجي، ولهذا لا يكون توسّط الفعل من أجل الوصول إلى الغرض عبثاً.

2 ـ ليس الغرض الإلهي من تكليف العباد: أن يعطيهم النفع.

وإنّما الغرض الإلهي من تكليف العباد: أن يصلوا إلى الكمال.

والوصول إلى الكمال على نحوين:

أوّلاً: إجباري.

ثانياً: اختياري.

وبما أنّ الوصول إلى الكمال بالإجبار لا قيمة له، فإنّ اللّه تعالى منح العباد الاختيار ، وجعل التكليف سبيلا لتكاملهم.

النتيجة:

إنّ الغرض الإلهي من تكليف العباد هو أن يصلوا إلى التكامل الاختياري.

ولا يتحقّق هذا التكامل إلاّ عن طريق اختيار الإنسان الكمال بنفسه.

وقد جعل اللّه تعالى التكليف سبيلا يصل من خلاله الإنسان باختياره إلى الكمال المطلوب.

ولهذا لا يوجد أي عبث في هذا الصعيد 6.

  • 1. انظر : الذخيرة ، الشريف المرتضى : باب الكلام في التكليف ، فصل في بيان الغرض ، ص 110. تقريب المعارف ، أبو الصلاح الحلبي: مسألة العدل ، في الغرض من التكليف ، ص115. الاقتصاد، الشيخ الطوسي: القسم الثاني ، الفصل الثالث، ص111. غنية النزوع ، ابن زهرة الحلبي: ج2، فصل في التكليف وما يتعلّق به، ص106، 107. قواعد المرام، ميثم البحراني: القاعدة السابعة، الركن الثالث ، البحث الثاني، ص158 ـ 159. المنقذ من التقليد ، سديد الدين الحمصي: ج1، الكلام في التكليف و ... ، ص248. مناهج اليقين ، العلاّمة الحلّي: المنهج السادس ، البحث الرابع، ص250. النافع يوم الحشر، مقداد السيوري: الفصل الرابع: في العدل، ص71. إشراق اللاهوت ، عميد الدين العُبيدي: المقصدالعاشر، المسألة الثالثة ، المبحث الثاني، ص338. إرشاد الطالبيين، مقداد السيوري: مباحث العدل، كون التكليف حسن ، ص272 ـ 273.
  • 2. معنى التعريض ـ كما ذكرنا سابقاً ـ هو جعل المكلّف بحيث يتمكّن من الوصول إلى النفع الذي عُرِّض له.
  • 3. بحار الأنوار ، العلاّمة المجلسي: ج5، كتاب العدل والمعاد ، باب 15 ، ح13 ، ص316.
  • 4. انظر : شرح جمل العلم والعمل ، الشريف المرتضى : أبواب العدل ، ص103 ، 104. الذخيرة ، الشريف المرتضى: فصل: في وجوب انقطاع التكليف، ص141. غنية النزوع ، ابن زهرة الحلبي: ج2، وجوب انقطاع التكليف ، ص10.
  • 5. انظر: التفسير الكبير، فخر الدين الرازي: ج10، تفسير آية 56 من سورة الذاريات، ص193.
  • 6. المصدر: كتاب العـدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام) لـشيخ علاء الحسّون.