حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
نظرة في حفلات الموالد
من العادات والتّقاليد التي صارت مألوفةً في ساحتنا إقامة "الموالد،" وهي عبارةٌ عن حفلاتٍ تقيمها النّساء عادةً في مناسبات ولادة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو أحد الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) للتّعبير عن الفرح والسرور والإنشراح.
وبما أنّ هذه "الموالد" قد صارت سمةً بارزةً في أوساطنا الإسلاميّة، كان لا بدّ من التوقّف عند هذه الظاهرة لتحليلها من حيث ما يحصل فيها من حركاتٍ وتصرّفاتٍ وإيقاعاتٍ وأجواء فرحٍ تحرّزاً من الوقوع في فعل الحرام في الوقت الذي نريد لهذه الظاهرة – الموالد – أن تكون البديل عن أجواء الفسق والفجور المتعارفة عند أهل الدنيا في مناسباتهم وأفراحهم.
الظاهرة الأولى التي تستحقّ التوقّف عندها كما تنقل النّسوة المشاركات في "الموالد" هي نوع اللباس وطريقة اللباس التي تستعملنها الأخوات حيث تمثّل نوعيّة اللباس إلى ما يضاهي في بعضه المتعارف والمألوف في عُرف غير الملتزمين إن لم يكن متفوّقاً عليه أحياناً.
إنّ هذه الظاهرة إلى هذه الحدود هي مورد الإستنكار الشّرعي لأنّ الإسلام يريد للإنسان أن يمارس قناعاته بطريقةٍ متوازنةٍ بعيدةٍ عن التأثّر بالآخرين خاصّة إذا كانوا لا يقيمون وزناً لأعرافٍ إجتماعيةٍ وقواعد أخلاقيةٍ وضوابط سلوكيّة.
من هنا فالتزيّن الفاحش في اللباس والعطر وما شابه يتنافى مع الإنضباطيّة الإسلاميّة حتى على القول بجواز مثل هذا اللباس فيما بين النّساء أنفسهن.
والظّاهرة الثّانية الملفتة للنّظر كما تنقل النّساء المشاركات هي الرّقص وهزّ البطن وحركات التّمايل والغُنج التي تتجاوز الحدّ المألوف لتصبح على ما هو المتعارف عند الراقصات المبتذلات اللواتي يتمايلن بأجسامهنّ أمام الرّجال في حركاتٍ إغرائيةٍ تستنفر وتهيّج مشاعر الرّغبة وكوامن الشّهوة.
فالرقص إلى هذه الحدود يدخل في باب الحرمة الشرعيّة عند سماحة ولي أمر المسلمين آية الله العظمى الإمام الخامنئي "دام ظله"، ونصّ فتواه هو: (لا يجوز الرّقص إذا كان بشكلٍ مهيّج للشّهوة أو مُستلزماً لارتكاب الحرام).
ولذا فإنّنا نقول إن لم يكن هناك قدرةٌ على ضبط حركة الرّاقصات في الأعراس والموالد ضمن الحدود الأخلاقيّة فهو محكومٌ بالحرمة لا غير ومن الإحتياط في الدّين ساعتئذٍ ترك هذا الفعل بالكليّة والإعراض عنه في تلك الحفلات.
والظّاهرة الثّالثة هي الغناء، فهذا ممّا لا مجال لتحليله في الموالد وإن جاز في الأعراس للنصّ عليه بالتّحديد، ولا يمكننا تسرية الحكم بحليّة الغناء في الأعراس إليه، ولذا ينبغي الإختصار في الغناء في الموالد على نوع الغناء المحلّل إسلامياً لا غير، ولا يجوز الإتيان بالأغاني المتعارفة عند أهل الفسق والفجور.
وحتّى هذا الغناء الإسلاميّ الجائز ينبغي أن يراعي عدم إستعمال الألحان المتعارفة عند أهل الفسق والفجور، وإلاّ لصار حراماً، ولذا يُفتي السيد القائد الخامنئي "حفظه الله" فيقول في جواب من سأله عن إستعمال ألحان أهل الفسق في الموالد الإسلامية والأناشيد المحلّلة: (لا يجوز مع فرض كون اللحن غناءً).
والظاهرة الرابعة هي بعض الحركات الفولكلوريّة مثل الدّبكة والتّصفيق والتّلويح بالسُّبحة وأمثالها أثناء الرّقص الفولكلوري فهذا ممّا لا مانع منه طالما بقي بهذه الحدود، ولم يدخل عليه ما يحرّمه مثل إختلاط النّساء بالرّجال أو الغناء بما فيه ألفاظ الحرام والتّشبيب، وإن كان الأفضل حتّى في هذا المجال إستبدال هذه التّعابير بما فيه لله رضا مثل التّكبير والصلوات كما ورد ذلك في جوابٍ للسيد القائد الخامنئي المفدى "دام ظله": (لا بأس بالتّصفيق في نفسه فيما لو كان على النّحو المتعارف، ولكنّ الأولى والأنسب من ذلك في الحفلات الدّينية هو التّكبير والصّلوات مكان التّصفيق).
والظاهرة الخامسة هي إستعمال الآلات الموسيقيّة في مثل هذه الحفلات والموالد، فهذا ممّا لا مانع منه فيما إذا أُريد به إنشاد الأناشيد المملوءة بالمدح والثّناء للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وللزهراء (عليها السلام) وللأئمة (عليهم السلام)، ولكن بشرط أن لا يأخذ ألحان أهل الفسق والفجور كما أوضحنا ذلك، وعليه فهذه الظاهرة – إستعمال آلات الموسيقى – لا مانع منها طالما لم يصل إستعمالها إلى حدّ التّشابه مع موسيقى أهل الفسق والفجور.
من هنا نوجّه الدّعوة والنّصيحة إلى كلّ ساحتنا بأنّ علينا أن نسعى إلى تحصين واقعنا وأن لا نجعل عبثية الآخرين تدخل إلى أجوائنا وعالمنا، ومن هنا نقول بأنّ هذه "الموالد" التي كان الهدف من ترويجها والتّشجيع عليها هو أن تكون البديل للسّاحة المؤمنة والشّريحة الملتزمة من المجتمع، لا نريد لها أن تتحوّل إلى مشكلةٍ من خلال عدم التّقيّد بالضّوابط الشّرعيّة والأخلاقيّة والسّلوكيّة، لأنّه عندئذٍ لن يكون الفارق بيننا وبين غير المؤمنين سوى أسماء وشعارات مرفوعة لا واقع لها.
والحمد لله رب العالمين1.
- 1. نقلا عن موقع سبل السلام لسماحة الشيخ محمد توفيق المقداد (حفظه الله).