مجموع الأصوات: 13
نشر قبل 5 أشهر
القراءات: 592

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

يد الله مع الجماعة

قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم: ﴿ ... وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ... 1.
تشير الآية المباركة إلى أنّ الله عزّ وجلّ يدعو المسلمين والمؤمنين إلى التعاون فيما بينهم على أمور البر والخير والإحسان لما فيه صالح المجتمع الإسلامي وتماسكه وترابطه وانشداد فئاته المختلفة على كلّ المستويات إلى بعضها البعض بحيث تصبح كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والرعاية.
ولا شكّ أنّ التعاون على البر والتقوى يجعل من حياة المجتمع المسلم حياة هانئة وديعة مسالمة يأمن الناس فيها على كلّ أمورهم الدينية والدنيوية، فيساعد بعضهم بعضاً ويرحم بعضهم البعض الآخر، ويحزن المسلم لحزن أخيه ويفرح لفرحه.
والتعاون على البر ليس له وسيلة محدّدة، بل مجاله مفتوح إلى كلّ المسائل التي تهمّ المجتمع المسلم، ففي مرحلة البناء والإعمار لا شكّ أنّ التعاون يعود بالخير على الجميع لأنّه يؤمّن الخدمات المطلوبة للناس على مستوى حياتهم الدنيوية، وفي مرحلة العلاقة مع الله فالتعاون بين المسلمين يزيد من ارتباطهم بالله عزّ وجلّ ويجعلهم أقرب إلى بعضهم البعض من أيّة حالةٍ أخرى، وفي مرحلة الجهاد ضدّ الأعداء والمتربصين بالإسلام والمسلمين ويريدون لهم الذلّ والهوان، فالتعاون بين أهل التوحيد والإسلام قادر على مواجهة المعتدين وردّ كيدهم على نحورهم، ولذا قال تعالى في هذا المجال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ﴾ 2، ومن المعلوم أنّ البنيان عندما يكون قوياً ومتيناً ومرصوصاً لا يتمكّن أيّ فردٍ أو جماعةٍ أن تخترقه أو تحدث فيه ثغرة تنفذ منها لنشر الفساد أو للإستقواء على المسلمين واستعبادهم وإذلالهم وكسر شوكتهم.
وقد ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الكثير من النصوص التي تشير إلى أهمية تنمية روح التعاون بين المسلمين ليكونوا جماعة واحدة ويداً قوية متماسكة في مواجهة كلّ الظروف الطارئة والمستجدّة، وقد قال تعالى في سورة العصر: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ 3، وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ 4، وفي الحديث النبوي: (يد الله مع الجماعة)، وكذلك قول الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم): (أمّا الجماعة فإنّ صفوف أمّتي في الأرض كصفوف الملائكة في السماء، والركعة في جماعة أربع وعشرون ركعة، كلّ ركعة أحبّ إلى الله من عبادة أربعين سنة).
وبالجملة فالإسلام يدعو إلى اجتماع المسلمين واتّحادهم والتفافهم حول كلّ قضاياهم الدينية والدنيوية، لأنّ لهذا الإجتماع والتعاون فوائده الجليلة والعظيمة على المسلمين كلّهم، ويكفي أن نقول بأن لو اجتمعت الدول الإسلامية اليوم على أهدافها المشتركة وقضاياها المصيرية، وخصوصاً قضية فلسطين السليبة لاستطاعوا أن يرفعوا عن ذلك الشعب المستضعف الكثير من البلاءات التي يتكبّدها والخسائر الجسيمة التي يُصاب بها من جانب العدو الصهيوني الغاصب، الذي يستغلّ التعاون السلبي بين الدول الإسلامية، والسلبية هنا تعني التعاون ضدّ بعضهم البعض عبر الرضوخ للقوى الإستكبارية الكبرى التي تفرّق المسلمين دولاً وشعوباً عن بعضها البعض ممّا جعلهم جميعاً في القبضة الأمريكية بالخصوص، وهذا الأمر لم يكن ليحصل لولا المخالفة الواضحة لأمر الله الصريح في القرآن بالتعاون على البرّ والتقوى.
من هنا نقول إنّ على المسلمين "أفراداً وحكومات" أن يسعوا للتعاون الإيجابي بمعناه القرآني الذي فيه الحفاظ على مصالح المسلمين جميعاً ويجعلهم أقوياء أعزّاء، ويأخذون دورهم المؤثّر بين القوى الكبرى في العالم، بدلاً من أن يكونوا متفرّقين أيدي سبأ تتقاذفهم القوى الكبرى وتتلاعب بهم وبمقدراتهم كما يشاؤون.
والحمد لله ربّ العالمين5.