حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
احترام الذوق العام ادب وكمال
أكدت تعاليم الإسلام وإرشاداته الأخلاقية على أهمية التحلي بالأدب، لأنه يؤدي إلى كمال الإنسان ورقيه، فالأدب هو زينة العقل، يقول رسولُ اللَّهِ ﷺ: «حُسنُ الأدبِ زِينةُ العقلِ»1، وهو يؤدي إلى كمال النفس وصلاحها، يقول الإمامُ عليٌّ : «الأدبُ كمالُ الرَّجُلِ»2، والأدب أفضل شرف وأحسن سجية، يقول الإمامُ عليٌّ : «أفضلُ الشّرَفِ الأدبُ»3، وعنه قال: «الأدبُ أحْسَنُ سَجِيّةٍ»4، ولا زينة ولا حلل كالأدب كما عبّر عن ذلك الإمامُ عليٌّ بقوله: «لا زينةَ كالآدابِ»5، و«زِينتُكُم الأدبُ»6، و«لا حُلَلَ كالآدابِ»7.
واحترام الذوق العام يعبر عن التزام الإنسان الأخلاقي، والتحلي بالآداب العامة، ومراعاة ما هو لائق وغير لائق مما تعارف عليه الناس وجرى مجرى العرف بينهم.
وأما من لا أدب عنده، أو قليل الأدب فإن مساويه ستكون كثيرة، يقول الإمامُ عليٌّ : «مَن قَلّ أدبُه كثُرَتْ مَساويهِ»8.
والذوق العام كلمة جميلة تعبر عن معانٍ ودلالات أخلاقية رفيعة، وعن تمسك الإنسان بالآداب الحسنة في السلوك والتعامل مع الآخرين، وتجنب ما هو غير لائق ومناسب في العرف العام عند الناس؛ فكن حريصاً أشد الحرص على أن تكون من أصحاب الذوق الرفيع في كل شيء.
الذوق العام لغة واصطلاحاً
مصطلح الذوق العام تعبير جميل يحمل في طياته معاني رائعة كالأدب والاحترام وحسن التعامل بلطف ورفق مع الناس، وتجنب ما يثير إحراجهم وإزعاجهم، والمحافظة على مشاعرهم وأحاسيسهم من الإحراج والجرح والخدش.
ومعنى «الذَّوْقُ» لغوياً كما جاء في «معجم المعاني الجامع» هو: الحاسَّة التي تُميّز بها الذَّوْقُ خواص الأجسام الطَّعْمِيَّة بواسطة الجهاز الحِسِّي والفم، ومركزه اللسان.
- الذَّوْقُ: آدابُ السلوك التي تقتضي معرفة ما هو لائق أو مناسب في موقف اجتماعيّ معيّن قلّة / حَسَنُ الذوْق.
- قليل الذَّوْق: خشن المعاملة.
- الذَّوق العامّ: مجموعة تجارب الإنسان التي يُفسِّر على ضوئها ما يُحسّه أو يُدركه من الأشياء9.
الذوق العام في العرف
للذوق العام أهمية كبيرة في العرف الاجتماعي، بحيث أن صاحب الذوق الراقي يكون محل محبة وثناء وإعجاب الناس به بخلاف من لا ذوق عنده، حتى أن الناس إذا أرادوا الثناء على شخص ومدحه قالوا عنه: إنه صاحب ذوق، أو عنده ذوق راقي؛ وإذا أرادوا ذم شخص قالوا عنه: إنسان غير مؤدب، أو قليل الذوق، أو لا ذوق عنده.
ولذلك فإن الذوق العام خلق إنساني جميل، وتبرز من خلاله الأخلاق الحسنة عند المتحلي به، فتظهر آثاره ومظاهره على سلوك صاحبه، وتعامله الحسن مع الآخرين، مما يكون محل تقديرهم واحترامهم وثنائهم العاطر عليه.
مظاهر الذوق العام
للذوق العام مظاهر وقواعد عامة، نشير إلى بعضها مما يرتبط بالسلوك الاجتماعي في النقاط التالية:
1 - المحافظة على النظافة العامة
من أبرز مظاهر الذوق العام المحافظة على النظافة العامة سواء في الأكل والشرب، أم في الدار، أم في الشارع العام، أم في المرافق العامة، أم عند الكورنيش، أم في الحدائق العامة.
وليس من الذوق العام إلقاء القمامة والأوساخ في الشوارع العامة، أو رميها من السيارات في الطرقات العامة، أو رمي مخلفات البناء في الشوارع، أو في الحدائق والمنتزهات العامة، أو في البحر؛ مما يتسبب في تلويث البيئة وتوسيخ الأماكن العامة.
2 - لبس الملابس اللائقة
من قواعد ومظاهر الذوق العام أيضاً لبس الملابس اللائقة: بأن تكون الألبسة نظيفة وجميلة وطاهرة، وألا يكون اللباس لباس شهرة، وعدم تشبه الشباب بلباس الفتيات، أو تشبه الفتيات بلباس الشباب، ومراعاة القيم والأخلاق والذوق في اختيار الألبسة والملابس، واجتناب لبس الألبسة القبيحة والمثيرة للذوق العام، والشخصية المسلمة.
3 - الكلام الطيب
من الذوق العام أيضاً: التحدث بالكلام الطيب والمفيد والنافع، والكلام بهدوء، وعدم رفع الصوت بقوة أثناء الكلام، وعدم السرعة في الكلام أو البطء الشديد، واختيار الألفاظ الجميلة والمهذبة، والتكلم بلباقة، وعدم الإطالة في الكلام، وتجنب الكلام البذيء والفاحش.
4 - آداب المجالس
من آداب الذوق العام للمجالس: الإنصات للآخرين والاستماع لهم، وعدم مقاطعتهم حين الكلام، وعدم الإجابة عن سؤال وجّه لغيرك، وعدم تصدر مجلس غيرك بالكلام، والحرص على إعطاء الآخرين حقهم في الكلام، والانصراف حال انتهاء وقت المجلس من دون أي تأخير!
5 - الالتزام بالوقت
من الذوق والأدب: التعود على احترام الوقت، ومراعاة أوقات الآخرين، والالتزام بدقة في المواعيد، وعدم زيارة أحد من دون موعد مسبق معه؛ وفي ذلك دلالة على الوعي بجوهر الزمن في الحياة لما له من قيمة لا تقدر بثمن، فالوقت هو الحياة، فلا تبدده فيما لا يفيد ولا ينفع!
6 - احترام الآخرين
من القواعد المهمة في الآداب والذوق العام التي ينبغي على كل فرد الالتزام بها: أن لا تغلق طريقاً عاماً بسيارتك، ولا تزعج أحداً بدراجتك النارية، ولا ترمِ أوساخاً في الشارع، ولا تؤذِ جيرانك برمي مخلفات منزلك أمامهم، ولا تنشغل بهاتفك النقال أو تتحدث مع من يكون بجانبك أثناء إلقاء الخطيب لكلمته، ولا تدخن في مجلس عام أو في دورات المياه فتؤذي الآخرين بفعلك السلبي، ولا تتصل بأحد في أوقات غير مناسبة كمنتصف الليل أو أوقات الراحة والنوم أو عند أوقات الصلاة إلا للضرورة القصوى.
فهذه الآداب الذوقية الراقية وغيرها يجب احترامها والتشجيع عليها حتى تتحول إلى ثقافة عامة وسلوك عام حفاظًا على الذوق العام للمجتمع، وترسيخ الآداب العامة بما يؤدي الى ولادة مجتمع متحضر وراقي10.