حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
ولاية فاطمة الزهراء في الأموال العامّة
انّ ادارة الاموال العامّة هو من منصب ذوي القربى، ويدلّ عليه قوله تعالى: ﴿ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ * لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾ 1.
وكذا قوله تعالى: ﴿ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ 2 .
وقوله تعالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ 3.
ومن المقرر والمحرر في محله كون الانفال هي الفيء بعينه، وقد جُعلت ولايته و ملكية التصرف فيه لله وللرسول ولذي القربى. والانفال والفيء كما هو محرر في الفقه، عموم الموارد والمنابع الطبيعية أي الثروة في بلاد المسلمين، وهي كل أرض جلى عنها أهلها أو سلموها طوعاً بغير قتال أو كانت خربة بادَ أهلها وكل مالم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ورؤوس الجبال وبطون الاودية والاجام والموات التي لا أرباب لها والمعادن وصفايا الملك وقطائعهم وما يصطفى من الغنيمة في الحرب، وميراث من لا وارث له، والغنائم من الحرب والقتال بغير اذن الامام.
وكذا الحال في ضريبة الخمس سواء في غنائم الحرب ومطلق ما يغنمه الانسان في كسبه من ارباح التجارات والصناعات وغيرها.
وكذلك ما يستخرج من معادن وكنوز وما يستخرج بالغوص، والمال المختلطب الحرام لأجل تطهيره وأرض الذمي اذا اشتراها من مسلم، وقد جبى رسول الله صلى الله عليه وآله الخمس من المسلمين من أرباح مكاسبهم كما دلّت على ذلك مصادر الفريقين 4
وضريبة الخمس من أكبر الضرائب المقننة في الشريعة الاسلامية، فهي تفوق الزكاة.
ومن المقرر في الفقه أن ولاية الخمس وملكية التصرف فيه هي لله وللرسول ولذي القربى وذلك لمكان اللام- لا الملكية- في الآيات» لله وللرسول ولذي القربى «وهذه بخلاف الموارد الثلاثة الاخرى وهي» اليتامى والمساكين وابن السبيل «مما يدلل على أن الاخيرة مصرف- أي مورد للصرف- من دون أن يكون ملكاً لهم ولا ولايته راجعة لهم، وغيرها من الادلة الدالة على ذلك كالروايات المستفيضة وقد علل تقنين ولاية الاموال العامة لذوي القربى في سورة الحشر بأنالحكمة فيه هي ارساء العدالة الاقتصادية والمالية في المجتمع المسلم وازالة الطبقية الفاحشة فلا تكون الثروة عندئذ حكراً متداولًا بين الاغنياء» كي لا يكون دولة بين الاغنياء منكم «وقد شددت كلًا من سورتي الحشر والانفال على خطورة هذا المقام وان اغتصابه يقابل بشدة العقاب من الله تعالى وبزوال الايمان لقوله تعالى» ان كنتم مؤمنين «وهذا ما قد حدث فعلًا، حيث أن باعتصاب هذا المقام بدأالتفاوت الطبقي في الأموال العامة حتى خصصت بعض زوجات النبي صلى الله عليه وآله فيالعهد الاول وبعض رموز السقيفة باعطيات من بيت المال دون سائر المؤمنين واستشرى ذلك أكثر في عهد الثاني حيث فرّق في العطاء بين المهاجرين والانصار 5، وبين العرب والعجم، وبين الاسود والابيض وبلغ ذروته في عهد الثالث حتى ثار عليه المسلمون- كما هو معروف في مدونات التاريخ- 6.
- 1. القران الكريم: سورة الحشر (59)، الآية: 7 و 8، الصفحة: 546.
- 2. القران الكريم: سورة الأنفال (8)، الآية: 10، الصفحة: 178.
- 3. القران الكريم: سورة الأنفال (8)، الآية: 41، الصفحة: 182.
- 4. كما هو الحال في أخذه من قبيلة عبد قيس حيث قال لهم صلى الله عليه وآله» وتعطوا الخمس من المغنم «صحيح البخاري 139- 32- 1: 22 و 2: 131 و 4: 205 و 5: 213، و 9: 112 وكذلك صحيح مسلم 36- 35، وسنن النسائي 2: 333، ومسند أحمد 1: 228، 361، و 3: 318، و 5: 36، وسنن أبيداود 3: 330، و 4: 219، والترمذي باب الايمان والاموال لأبي عبيدة: 20، وفتح الباري 1: 120، وكنز العمال 20- 1: 19 حديث 6، والصحيح من سيرة النبي صلى الله عليه وآله للسيد جعفر مرتضى العاملي 3: 380.
وكذا أخذ النبي صلى الله عليه وآله من بني زهير العكليين من مضر في سنة الوفود 9 ه كما في الطبقات قال: واقروا في الخمس في غنائمهم. الطبقات الكبرى لابن سعد 1: 279، وكنز العمال 2: 271، وسنن ابي داود في كتاب الخراج 2: 55، وسنن البيهقي 6: 303، و 7: 58، و 9: 13، ومسندأحمد 5: 77، 78، 383، والاموال لابي عبيدة: 12، وأُسد الغابة 5: 40، 389، وجمهرة أنساب العرب 1: 68، وصبح الاعشى 3: 323، والاغاني 19: 158، ونصب الراية للزيعلي: 5، وسنن النسائي 2: 179.وكذلك أخذ من وفد بني البكاء من بني عامر من العدنانية من رئيسهم فجيع بن عبدالله كما في الطبقات لابن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أسلم وأقام الصلاة وأتى الزكاة وأطاع الله ورسوله وأعطى من المغنم خمس الله .. الطبقات لابن سعد 1: 274، واسد الغابة 4: 175، والاصابة 4: 696.
وأيضاً أخذ من أهل اليمن كما في فتوح البلدان قال: كتب النبي صلى الله عليه وآله لعمرو بن حزم حين بعثه لليمن: ان يأخذ من المغانم خمس الله وما كتب على المؤمنين من الصدقة من العقار عشر ماسقى البعض. فتوح البلدان 1: 84 باب اليمن وسيرة ابن هشام 4: 595، وتاريخ الطبرى 1: 1727، وتاريخ ابن كثير 5: 76، والخراج لابي يوسف: 85، والحاكم في المستدرك 396- 1: 309، وكنزالعمال 5: 517.وفي تاريخ اليعقوبي ان رسول الله صلى الله عليه وآله أرسل كتاباً مع معاذ بن جبل الى اليمن وفيها: وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأعطيتم من الغنائم خمس الله وسهم النبي والصفي وما على المؤمنين من الصدقة. تاريخ اليعقوبي 2: 64، وفتوح البلدان: 83، والطبقات الكبرى 1: 261، راجع كتاب الخمس للشيخ نوري الهمداني قد ذكر أكثر من عشرة موارد بل أكثر ص 87- ص 110، وكذا السيد جعفر مرتضى العاملي في الصحيح من سيرة النبي صلى الله عليه وآله 312- 3: 308، وكذا البحار 363- 21: 360 وغيرهم كثير.
- 5. راجع الطبقات لابن سعد 3: 219، وتاريخ اصفهان 2: 290 .
- 6. المصدر: كتاب مقامات فاطمة الزهراء تحرير سماحة السيد محمد علي الحلو رحمه الله.