حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
أتشتم و أنت في موقع المربي ؟
إذا كانت الشتائم و السباب من الناس العاديين قبيحة و مستهجنة و تنم عن قلة أدب و ضعف تربية و تخاصم واضح مع الآداب و الأخلاق الدينية ، فإنها من المربي أشد قباحة ، لدلالتها على الجهل و التخلف و الاقتراب من لغة الشوارع الفاسدة .
لابد لي أن أقول ان موقع المربي هنا يشمل الأب و المعلم و الخطيب و إمام الجامع و غيرهم ممن يضعون أنفسهم موضع التوجيه و الإرشاد و القدوة للآخرين .
للأسف الشديد فإن عددا كبيرا من الآباء يستخدمون ألفاظا مؤذية و سيئة مع أبنائهم و زوجاتهم ، و قد توصل باحثون بمركز رؤية من خلال دراسة ميدانية هي الأحدث و الأكبر على مستوى المملكة بعنوان (( العنف الأسري ـ المظاهر و الأسباب و النتائج و طرق المواجهة )) إلى " إن النتائج أوضحت أن العنف اللفظي احتل المرتبة الأولى في تقدير ست فئات من الفئات السبع و هي فئة ( قراءة و كتابة ) ، و ( ابتدائي ) ، و ( متوسط ) ، و ( ثانوي ) ، و ( جامعي ) ، و ( فوق الجامعي ) " ( جريدة اليوم 2 / 3 / 2009 ) الأمر الذي يعني تفشي هذا النوع من العنف اللفظي المتضمن للسباب و الشتم و الإهانة و الاستنقاص بين كل شرائح المجتمع و مختلف طبقاته .
و لعل المرء يقول ان قسما من هؤلاء و إن أنهى بعض المراحل التعليمية ، إلا انه يعيش نقصا في بعض الجوانب التربوية و الثقافة التربوية ، و كلنا مضطر ليكون وسط أسرة أو مربيا لأسرة مع ما فينا من سلبيات و نواقص ، و سيشملنا جميعا دعاء أولادنا لنا بالرحمة و المغفرة ، لأنهم سيكتشفون حالنا حين يصبحون أرباب أسر و مربين .
لكن ما لفت انتباهي في موضوع الشتم و السب ، هو تفشي هذا الأسلوب الرخيص في السلك التعليمي و المدارس الرسمية التي يفترض أن تخرج أجيال الأدب و الأخلاق و العلم و المعرفة ، مما يعني أن أولادنا الذين تخلو أسرهم من هذا النوع البذيء من الألفاظ ، قد يكونون في موعد شبه يومي مع معلميهم في المدارس ، ممن يتفوهون بما لا يتناسب و وظيفة التربية و التعليم ، لقد نشرت جريدة الوطن 25 / 2 / 2009 ، (( تنتظر 78 مشرفة و معلمة ثبت تورطهن في استخدام ألفاظ نابية و تنابز بالألقاب فيما بينهن عقوبات بالخصم و الإنذار )) .
و أثبت تحقيق الإدارة العامة للتربية و التعليم للبنات في الرياض ( حصلت « الوطن » على نسخة منه ) تورط مديرة مدرسة في قذف مشرفة إدارية بعبارات مثل « يا حشرة ، يا حولة » )) ، و لعل القارئ قد لاحظ أن النظر في قضايا شتم و سباب و ألفاظ سيئة قد أبلغت عنها المعلمات ضد بعضهن ، أما لو حاولنا إحصاء السباب و الشتم و الكلمات الجارحة التي تصدر يوميا من المعلمين و المعلمات على الطلاب و الطالبات الذين يستسلمون لها خوفا فالأمر مهول .
هذا الأسلوب لم تزهد فيه حتى بعض المنابر التوجيهية و الإرشادية ، مضافا إلى تعامل البعض الآخر مع ثقافة السب باعتبارها أمرا طبيعيا ، و لعل الكثير من الناس يلحظون هذه السيرة العرجاء في البعض بالتصريح أو التلميح ، حتى أن المرء في بعض الأحيان يتساءل في نفسه عن الشخص أو الجهة المقصودة من كلام هؤلاء .
و إذا كان الكلام المتواري يمكن غض الطرف عنه ، مع أني أرى أن الموجهين يجب أن يكونوا أرقى من ذلك ، و أعلى مقاما و قدرا ، و أن يناقشوا القضايا و الأفكار بعيدا عن التجريح .
يكتب الدكتور عبد الرحمن الحبيب متسائلا و متعجبا ( فما بالك إذا كان البعض . . . . يشتم دولاً و أقواماً و تيارات فكرية و إعلاماً مما يخرج تماماً عن اللباقة و الأدب العام ناهيك عن خروجه عن أبسط قواعد التعبد و الخشوع ! ) جريدة الجزيرة 12 / 3 / 2007 .
حين اعتقدنا أن دين الله ينصر بذلك انطلقت ألسنتنا دون وعي و هي تنتهك مقام التوجيه و الإرشاد ، و أصبحنا نتباهى بكلمات قادحة تهز كل المنظومة الأخلاقية التي بنيت عليها قيم الدين .
هذا اللسان الذي ورد في القرآن الكريم أكثر من 24 مرة ، كيف لنا أن ننزهه عن الهبوط ؟ كيف لنا أن نجعله لسان صدق و صلاح ؟ أليس ببث ثقافة أخلاقية توعوية رادعة تحول بين الإنسان و بين الانجرار وراء انفعالاته ؟
ثم هل يجدي أن نعلم أولادنا على عدم السكوت عن أي شخص شتمهم أيا كان و مهما كانت مكانته ؟ لست أدري ؟ 1 .
- 1. الشيخ محمد الصفار ـ « صحيفة اليوم » ـ 28 / 3 / 2009 م ـ 10:49 ص .