حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
المرأة لا ترث من العقار فلا ارث للزهراء !
نص الشبهة:
بوّب الكليني باباً مستقلاً في الكافي بعنوان : (إنّ النساء لا يرثن من العقار شيئاً) ، روى فيه عن أبي جعفر قوله : « النساء لا يرثن من الأرض ولا من العقار شيئاً » (انظر : « فروع الكافي » للكليني (7 / 127) .) . وروى الطوسي في التهذيب (9 / 254 .) عن ميسر قوله : « سألت أبا عبد الله عليه السلام عن النساء ما لهن من الميراث ؟! فقال : لهن قيمة الطوب والبناء والخشب والقصب ، فأما الأرض والعقار فلا ميراث لهن فيهما » . وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « النساء لا يرثن من الأرض ولا من العقار شيئاً » . وعن عبد الملك بن أعين عن أحدهما عليهما السلام قال : « ليس للنساء من الدور والعقار شيئاً » . وليس في هذه الروايات تخصيص أو تقييد ، لا لفاطمة « رضي الله عنها » ولا غيرها . وعلى هذا فإنه لا حق لفاطمة « رضي الله عنها » أن تطالب بميراث رسول الله ﷺ ؛ (حسب روايات المذهب الشيعي) . وأيضاً كل ما كان للرسول ﷺ فهو للإمام ، فعن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد رفعه ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر « عليه السلام » قال : قال رسول الله ﷺ : « خلق الله آدم وأقطعه الدنيا قطيعة ، فما كان لآدم « عليه السلام » فلرسول الله ﷺ ، وما كان لرسول الله فهو للأئمة من آل محمد » (أصول الكافي للكليني ، كتاب الحجة ـ باب أن الأرض كلها للإمام عليه السلام ، (ج 1 ص 476) .) . والإمام الأول بعد رسول الله حسب معتقد الشيعة هو علي « رضي الله عنه » ، ولذا فالأحق بالمطالبة بأرض فدك هو علي « رضي الله عنه » ، وليس فاطمة « رضي الله عنها » ، ولم نره فعل ذلك ، بل هو القائل : « ولو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل ، ولباب هذا القمح ، ونسائج هذا القز ، ولكن هيهات أن يغلبني هواي ، وأن يقودني جشعي إلى تخير الأطعمة ، ولعل بالحجاز واليمامة من لا طمع له في القرص ، ولا عهد له بالشبع » (نهج البلاغة ، (1 / 211) .) .
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .
وبعد . .
فإننا نجيب بما يلي :
أولاً : إن المقصود بالنساء اللواتي لا يرثن : هن الزوجات ، فإنهن لا يرثن من الأرض والعقار شيئاً ، وقد أوضحت سائر الروايات التي ذكرها الكليني « رحمه الله » ذلك ، وصرحت به . . فلم يكن من الإنصاف تسجيل هذا الإشكال من الأساس ، فراجع الكافي ج 7 ص 127 ـ 130 باب « أن النساء لا يرثن من العقار شيئاً » تجد التصريح بأن المقصود هو أرث الزوجة من زوج ها في الحديث رقم 2 و 3 و 5 و 11 . وصرح بذلك الشيخ الطوسي في كتاب التهذيب الذي نقل عنه السائل أيضاً ، فراجع ج 9 باب ميراث الأزواج الحديث رقم 106 و 107 و 109 و 113 و 114 و 116 و 117 و 119 .
وبعد أن ظهر أن هذه الروايات قد أوضحت المقصود ، فلا بد من أن تحمل الروايات المطلقة على المقيدة ، كما هي القاعدة في ذلك .
ثانياً : ذكر نفس هذا السائل رواية ميسر ، عن كتاب تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي ، وهي الرواية رقم 113 / 31 ، ولكنه حذف منها ذيلها الصريح في أن المراد هو خصوص الزوجة ، وهي كما يلي :
عن ميسر بياع الزطِّي ، عن أبي عبد الله « عليه السلام » قال : « سألته عن النساء : ما لهن من الميراث ؟!
فقال : لهن قيمة الطوب ، والبناء ، والخشب ، والقصب . فأما الأرض ، والعقار فلا ميراث لهن فيه .
قال : قلت : فالثياب ؟!
قال : الثياب لهن .
قال : قلت : كيف صار ذا ولهذه الثمن والربع مسمى ؟!
قال : لأن المرأة ليس لها نسب ترث به ، وإنما هي دخل عليهم . وإنما صار هذا كذا لئلا تتزوج المرأة فيجيء زوج ها ، أو ولد من قوم آخرين ، فيزاحم قوماً في عقارهم » 1 .
فإن المرأة التي ورثت بالسبب لا بالنسب هي الزوجة من زوج ها ، أما البنت فترث بالنسب من أبيها .
ثالثاً : لو سلمنا جدلاً : أن البنت لا ترث ، لكن موضوع فدك خارج عن موضوع الميراث بالكلية ، لأن فدكاً قد فتحت صلحاً ، ولم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ، فهي خالصة لرسول الله « صلى الله عليه وآله » يفعل فيها ما يشاء ، وقد نحلها (أي وهبها) للزهراء « عليها السلام » ، وتسلمتها منه ، واستغلتها أربع سنوات في حياته ، ولما استولى عليها أبو بكر أخرجعمَّالها منها .
والنحلة ، والهبة والهدية تملّك بنفس الإعطاء والقبض ، ولا تبقى ملكاً للمعطي لكي تدخل في ميراثه .
رابعاً : إن الحديث الذي استدل به السائل على أن كل ما للرسول « صلى الله عليه وآله » للإمام ضعيف السند ، فلا تقوم به حجة ، ولا تثبت به دعوى . .
خامساً : إن المقصود بهذه الأحاديث : هو أن للإمام حق التصرف من حيث هو إمام معصوم وخليفة لرسول الله « صلى الله عليه وآله » ، وليس المقصود أن الأموال تصبح له ، بحيث تبطل ملكية الناس لأموالهم . .
ولو كان هذا هو المقصود ، لم يصح من علي « عليه السلام » القبول بالتحاكم إلى قاضيه شريح في الأمور المالية . .
سادساً : إن هناك مصالح عامة تفرض عليه « عليه السلام » أن يبقي الأمور على ظواهرها . تماماً كما كانت هذه المصالح عينها تفرض هذا الأمر على رسول الله « صلى الله عليه وآله » . . لا سيما وأن الذين استولوا على الأمر بعد رسول الله « صلى الله عليه وآله » لا يعترفون له بذلك . بل هم يتراجعون عن بيعتهم ، ويهاجمون بيته ، ويحاولون إحراقه على من فيه ، ويضربون زوج ته ويسقطون ج نينها ، وهي بنت رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، وأبوها وهو سيد الكائنات لمَّا يدفن بعد .
بل إنه لو فعل ذلك لقالوا له : لا تتدخل بما لا يعنيك ، فإنك لست صاحب الحق لكي تطالب به .
سابعاً : إن زهد علي « عليه السلام » بالدنيا ، لا يعطي الحق للآخرين باغتصاب أمواله أو أموال زوج ته ، وأولاده ، وأن يستذلوه إلى هذا الحد . . ولا يجعل فعلهم مبرراً ، أو معفواً عنه عند الله . .
والحمد لله ، والصلاة والسلام على محمد وآله . . 2 .