نشر قبل 7 سنوات
تقيمك هو: 5. مجموع الأصوات: 27
القراءات: 5147

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

الدنيا لهو ولعب

نص الشبهة: 

قد تحدث القرآن الكريم عن الدنيا ، ووصفها بأنها لهو ولعب ، والسؤال هو : ما معنى أن تكون الحياة الدنيا لعباً ولهواً ، أليس فيها عمل وبناء ، وفشل ونجاح ؟! . .

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين . .
وبعد . .
أولاً : لا شك في أن الحياة الدنيا هي أدنى مستوى من الحياة الآخرة ، ولأجل ذلك سميت « دنيا » في إشارة إلى سقوط منزلتها وهبوطها . . وقد قال الله سبحانه وتعالى عن الآخرة : ﴿ ... وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ 1 . .
فالحدث الذي تراه مصوراً على شاشة التلفاز ، لا يصل في مستوى تأثيره ، وحكايته عن الواقع إلى مستوى رؤية الواقع بصورة حية ومباشرة .
وفي الحياة الآخرة تنكشف الحجب المؤثرة في مستوى إدراك الإنسان للحقائق ، وفي تضاؤل نسبة التفاعل معها . قال تعالى ﴿ ... فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ 2 . .
ثانياً : إن قيمة كل شيء إنما هي بملاحظة ما خلق ذلك الشيء من أجله ، فإذا كانت الدنيا مخلوقة لأجل التهيؤ للحياة الأخروية ، والإعداد لها ؛ فإذا أراد الإنسان أن يعيشها لنفسها ، وأن يستبعد هدفها الحقيقي ، فإنها تصبح لعباً ولهواً بكل ما لهذه الكلمة من معنى . .
والتعاطي معها يصبح أشبه بتعاطي الولد مع لعبته ، فإن الولد حين يلعب ، لا يكون هدفه من لعبه صالحاً لأن يقصده العقلاء في سعيهم في الحياة وحين يبذلون جهداً فيها .
وكذلك الحياة الدنيا ، فإنك حين تتعامل معها على أساس أنها هي كل شيء ، وحين تغفل ، وتسقط من حسابك هدفها الحقيقي ، فإن العمل فيها يصبح بلا هدف صالح ومرضي عند العقلاء إذ إن حكمتهم تمنعهم من صرف الوقت والجهد في سبيل لذة عابرة ، وشيء زائل .
وهم يرون أن الفشل والنجاح والعمل والبناء فيها يشبه عمل الأطفال حين يلعبون ، فإنهم لا يتوخون من عملهم هذا هدفاً عقلائياً ، ولا هو ينتج لهم نتيجة يحسن السكوت عليها . .
وقد قال تعالى : ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾ 3 . . فاعتبر سبحانه أن عدم وجود آخرة ، ومثوبة وعقوبة بمثابة عمل عبثي ، يجعل الحياة الدنيا غير صالحة لأن يعطيها الإنسان كل ما يملك من طاقات وكنوز أعطاه الله إياها ، وكأنه لو أعطاها ذلك لاعتبره العقلاء عابثاً ولاعباً . .
والحمد لله رب العالمين 4 . .