اطعام ثلاثة الآف في يوم الخندق على مائدة واحدة!

رُوِيَ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ : رَأَيْتُ النَّاسَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ يَحْفِرُونَ وَ هُمْ خِمَاصٌ 1، وَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَحْفِرُ وَ بَطْنُهُ خَمِيصٌ، فَأَتَيْتُ أَهْلِي فَأَخْبَرْتُهَا .
فَقَالَتْ : مَا عِنْدَنَا إِلَّا هَذِهِ الشَّاةُ وَ مِحْرَزٌ 2 مِنْ ذُرَةٍ .
قَالَ : فَاخْبِزِي .
وَ ذَبَحَ الشَّاةَ وَ طَبَخُوا شِقَّهَا وَ شَوَوْا الْبَاقِيَ، حَتَّى إِذَا أَدْرَكَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ .
فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، اتَّخَذْتُ طَعَاماً فَائْتِنِي أَنْتَ وَ مَنْ أَحْبَبْتَ .
فَشَبَّكَ 3 أصَابِعَهُ فِي يَدِهِ ثُمَّ نَادَى : " أَلَا إِنَّ جَابِراً يَدْعُوكُمْ إِلَى طَعَامِهِ ".
فَأَتَى ــ جابر ــ أَهْلَهُ مَذْعُوراً خَجِلًا ، فَقَالَ لَهَا : هِيَ الْفَضِيحَةُ ، قَدْ حَفَلَ بِهِمْ أَجْمَعِينَ .
فَقَالَتْ : أَنْتَ دَعْوَتَهُمْ أَمْ هُوَ؟
قَالَ : هُوَ.
قَالَتْ : فَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ.
فَلَمَّا رَآنَا أَمَرَ بِالْأَنْطَاعِ فَبُسِطَتْ عَلَى الشَّوَارِعِ ، وَ أَمَرَهُ أَنْ يَجْمَعَ التَّوَارِيَ-  يَعْنِي قِصَاعاً كَانَتْ مِنْ خَشَبٍ - وَ الْجِفَانَ.
ثُمَّ قَالَ : " مَا عِنْدَكُمْ مِنَ الطَّعَامِ؟ ". فَأَعْلَمْتُهُ.
فَقَالَ : " غَطُّوا السِّدَانَةَ وَ الْبُرْمَةَ وَ التَّنُّورَ ، وَ اغْرِفُوا ، وَ أَخْرِجُوا الْخُبْزَ وَ اللَّحْمَ وَ غَطُّوا ".
فَمَا زَالُوا يَغْرِفُونَ وَ يَنْقُلُونَ وَ لَا يَرَوْنَهُ يَنْقُصُ شَيْئاً حَتَّى شَبِعَ الْقَوْمُ ، وَ هُمْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ ، ثُمَّ أَكَلَ جَابِرٌ وَ أَهْلُهُ وَ أَهْدَوْا ، وَ بَقِيَ عِنْدَهُمْ أَيَّاماً 4.

 

  • 1. الخَميص و جمعه خماص : ضامر البطن من شدة الجوع.
  • 2. المحرز : وعاء يخزن فيه الطعام.
  • 3. أي رسول الله صلى الله عليه و آله.
  • 4. قرب الإسناد: 327 ، لأبي عباس عبدالله بن جعفر الحميري القمي، من أصحاب الإمام حسن العسكري (عليه السلام) و فقهاء القرن الثالث، طبعة مؤسسة آل البيت (عليهم السلام)، الطبعة الأولى، سنة 1413 هجرية، قم / إيران.