علم ابن عباس و علم علي بن ابي طالب

عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا يَسْأَلُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)؟
فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) صَلَّى‏ الْقِبْلَتَيْنِ، وَ بَايَعَ الْبَيْعَتَيْنِ، وَ لَمْ يَعْبُدْ صَنَماً وَ لَا وَثَناً، وَ لَمْ يَضْرِبْ عَلَى رَأْسِهِ بِزَلَمٍ‏ 1 وَ لَا بِقَدَحٍ 2، وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ.
فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنِّي لَمْ أَسْأَلْكَ عَنْ هَذَا، إِنَّمَا أَسْأَلُكَ عَنْ حَمْلِهِ سَيْفَهُ عَلَى عَاتِقِهِ يَخْتَالُ بِهِ حَتَّى أَتَى الْبَصْرَةَ فَقَتَلَ بِهَا أَرْبَعِينَ أَلْفاً، ثُمَّ صَارَ إِلَى الشَّامِ فَلَقِيَ حَوَاجِبَ الْعَرَبِ فَضَرَبَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ حَتَّى قَتَلَهُمْ، ثُمَّ أَتَى النَّهْرَوَانَ وَ هُمْ مُسْلِمُونَ فَقَتَلَهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ.
فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَ عَلِيٌّ أَعْلَمُ عِنْدَكَ أَمْ أَنَا؟
فَقَالَ: لَوْ كَانَ عَلِيٌّ أَعْلَمَ عِنْدِي مِنْكَ لَمَا سَأَلْتُكَ.
قَالَ: فَغَضِبَ ابْنُ عَبَّاسٍ حَتَّى اشْتَدَّ غَضَبُهُ، ثُمَّ قَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَّمَنِي، وَ كَانَ عِلْمُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَّمَهُ اللَّهُ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ، فَعِلْمُ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنَ اللَّهِ، وَ عِلْمُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ عِلْمِي مِنْ عِلْمِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ عِلْمُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) كُلِّهِمْ فِي عِلْمِ عَلِيٍّ كَالْقَطْرَةِ الْوَاحِدَةِ فِي سَبْعَةِ أَبْحُرٍ 3.

  • 1. الزَّلَمُ: السهم الذي لا ريش عليه، وكان أهلُ الجاهلية يستقسِمون بالأزلام، وكانوا يكتبون عليها الأمرَ أو النهي ويضعونها في وِعاء، فإذا أراد أحَدُهم أمرًا أدخَلَ يده فيه وأخرجَ سهمًا فإن خرج ما فيه الأمرُ مضى لقصدِه، وإن خرج ما فيه النَّهي كَفَّ.
  • 2. القِدْحُ: قطعةٌ من الخشب تُعرَّض قليلاً وتُسَوَّى ، وتكون في طول الفِتْر أو دونَه، وتُخَطُّ فيه حزوزٌ تميِّزُ كل قِدْح بعددٍ من الحزوز، وكان يستعمل في المَيْسِر، وقد يكتب على القِدح: لا أو نعم، أو يُغْفل لِيُقْرَعَ به ويُستقْسَم.
  • 3. الأمالي: 11، للشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، المولود بخراسان سنة: 385 هجرية، و المتوفى بالنجف الأشرف سنة: 460 هجرية، طبعة دار الثقافة، الطبعة الأولى سنة: 1414 هجرية، قم/إيران.