هل اعادة ارسال النصوص و الصور و الفيديوهات جائز أم لا ؟

لا يجوز نشر و كذلك اعادة نشر النصوص و الصور و الفيديوهات و غيرها إلا بعد التأكد من سلامتها و صحتها و خلوها من التأثيرات السيئة على الفرد المرسل اليه، بل على غيره من الأفراد و الجماعات و لو بالواسطة.

و من الأخطاء الشائعة و الفاحشة حتى لدى الكثير من المؤمنين و المؤمنات هو ارسال و إعادة ارسال و تداول النصوص و البوسترات و الصور و الافلام القصيرة دون تورع، الأمر الذي قد يوقعهم في آثام كثيرة و هم قد لا يعلمون أو يكونوا في غفلة عنها، و ذلك لأمور:

  1. لا بُدَّ للانسان المؤمن أن يتأكد من صدق و سلامة ما يصل اليه من الاخبار و الاقوال قبل تقبلها، و بالطبع قبل إعادة نشرها و ذلك لقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ 1.
  2. تحتوي الكثير من النصوص أو الافلام على مقاطع محرمة و ممنوعة نشرها رغم كونها حقيقية و غير مكذوبة أو ملفقة أو قد يغفل مرسلها عن وجودها أو لا يفطن لها أو لم يهتم بها، فيكون إعادة ارسالها مساهمة في نشر الفساد و الفاحشة و إن لم تكن كاذبة أو مختلقة، و ذلك لقول الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ 2، و قد حرم الله عَزَّ و جَلَّ فعل الفاحشة ــ كما هو واضح ــ و إلى جانب ذلك حرم أيضاً إشاعة الفاحشة، و المقصود بإشاعة الفاحشة هو إذاعة و نشر أخبار الفاحشة و التحدث عنها لما فيها من المفاسد الفردية و الاجتماعية، فتوعَّد الذين يقومون بنشر الفاحشة ــ أي أخبارها ــ بالعذاب الاليم في الدنيا و الآخرة.
    رُوِيَ عن الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنَّهُ قال: "مَنْ‏ قَالَ‏ فِي‏ مُؤْمِنٍ‏ مَا رَأَتْهُ عَيْنَاهُ وَ سَمِعَتْهُ أُذُنَاهُ فَهُوَ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ... 2" 3.
    هذا و تؤكد النصوص الدينية على حرمة نشر أخبار و تفاصيل ما يراه الإنسان أو يسمعه أو يطلع عليه من كل أنواع الفحشاء و المنكرات و الأعمال المستقبحة كل ذلك بهدف إبعاد المجتمع الإسلامي من التلوث الفكري و العملي بأي نوع من أنواع  المنكرات و المحرمات، و محاولة منه للقضاء على هذه المنكرات في لحظة حدوثها، ذلك لأن انتشار أخبار الفحشاء و المنكرات و تكرر سماعها لها أثر نفسي كبير في التقليل من قبح العمل و شناعته و فقدان المناعة ضد الفاحشة فتشكل عاملاً ممهداً لارتكاب القبائح و المنكرات أو التفكير بها.
  3. ثم إن نشر أو اعادة النشر موضوع ما قبل التأكد من سلامته و خلوه عن الضرر يكون من مصاديق الكذب فقد جاء في وصايا النبي صلى الله عليه و آله لأبي ذر أنه قال: "يَا أَبَا ذَرٍّ كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِباً أَنْ يُحَدِّثَ‏ بِكُلِ‏ مَا يَسْمَعُ" 4.
  4. من الواضح أنه لا يجوز هتك حرمة المؤمن و إفشاء عيوبه و أسراره، فلابد من التأكد من خلو ما يرسل أو يعاد ارساله من شيء يتسبب في هتك حرمة المؤمنين و المؤمنات سواءً في ذلك ما ينطبق مع الواقع أم ما هو إتهام و بهتان، أو حتى ما هو بصورة الهزل و السخرية، فقد رُوِيَ عن الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنَّهُ قال: "مَنْ‏ سَتَرَ عَوْرَةَ مُؤْمِنٍ سَتَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ مَنْ هَتَكَ سِتْرَ مُؤْمِنٍ هَتَكَ اللَّهُ سِتْرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"5 .

ثم إنه ينبغي الانتباه إلى أن نشر أو إعادة نشر ما هو مستور عن الآخرين قد يكون من مصاديق الغيبة المحرمة و التي هي من الكبائر فعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَيَابَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ6 عليه السلام يَقُولُ: " الْغِيبَةُ أَنْ تَقُولَ فِي أَخِيكَ مَا سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَ أَمَّا الْأَمْرُ الظَّاهِرُ فِيهِ مِثْلُ الْحِدَّةِ وَ الْعَجَلَةِ فَلَا، وَ الْبُهْتَانُ أَنْ تَقُولَ فِيهِ مَا لَيْسَ فِيهِ" 7.
فينبغي للمؤمنين التوقي من نشر أو إعادة نشر كل ما يقع بأيديهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فقد يكون الإنسان مساهماً كبيراً في إنتشار الفاحشة و يكون من اخوان الشياطين و هو لا يعلم فيكون من الذين قال الله عنهم: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ 2.
هذا و إن نشر و كذلك اعادة نشر المواضيع القيمة و المفيدة و الافلام الهادفة عمل جيد و من مصاديق التواصي بالحق و نشر الفضيلة و الخُلق الحميد الذي يؤجر الإنسان عليه.

  • 1. القران الكريم: سورة الحجرات (49)، الآية: 6، الصفحة: 516.
  • 2. a. b. c. القران الكريم: سورة النور (24)، الآية: 19، الصفحة: 351.
  • 3. الكافي: 2 / 357، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني، المُلَقَّب بثقة الإسلام، المتوفى سنة: 329 هجرية، طبعة دار الكتب الإسلامية، سنة: 1365 هجرية/شمسية، طهران/إيران.
  • 4. مكارم الأخلاق: 467، لرضي الدين حسن بن فضل الطبرسي، من علماء القرن السادس الهجري، طبعة: إنتشارات شريف، قم/إيران، 1412 هجرية.
  • 5. وسائل الشيعة (تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة): 12 / 296، للشيخ محمد بن الحسن بن علي الحُر العاملي، المولود سنة: 1033 هجرية بجبل عامل لبنان، و المتوفى سنة: 1104 بمشهد الإمام الرضا و المدفون بها، طبعة: مؤسسة آل البيت، سنة: 1409 هجرية، قم / إيران.
  • 6. أي الإمام جعفر بن محمد الصَّادق (عليه السَّلام)، سادس أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
  • 7. الكافي: 2 / 358 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني، المُلَقَّب بثقة الإسلام، المتوفى سنة: 329 هجرية، طبعة دار الكتب الإسلامية، سنة: 1365 هجرية/شمسية، طهران/إيران.