أن الجهاد الذي أوجبه القرآن هو ليس فريضةً فردية يقوم بها الإنسان المؤمن لإبراء الذمة فحسب، وإنما هو مشروع متكامل البنية في إطار تحقيق هدفٍ إلهي تمت رعاية كل جوانبه بدقة متناهية لينخرط جميع المؤمنين فيه، وبيّنا أن شروط تحقّق هذا الجهاد لازمة وضرورية وهي باختصار:
من الأهداف التي ذكرت في القرآن الكريم للجهاد: الدفاع عن الإسلام والمسلمين، وردّ الاعتداءات والظلم الذي يلحق بهم. ﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾1.
حيث إن الجهاد ضروري، وحيث إنه يقتضي التضحية والتخلي عن مكاسب ومغريات دنيوية، وحيث إن المجتمع الإسلامي ليس سواءً في تقبل هذه الفريضة والتعاطي معها بإيجابية، نجد أن الجهاد يصنف المسلمين إلى صنفين:
قبل ذكر بعض الآيات التي تدلّ صراحةً على وجوبه، من المفيد الإشارة إلى أن هناك فرقًا بين أصل التشريع، وبين فعلية التكليف به، فحتى لو اختلف العلماء والمفسّرون في زمن التكليف الفعلي به للمؤمنين فإن هذا لا يؤثر في كونه تشريعًا ثابتًا على أيّ حال، وأن ضرورته ليست محل نقاش.
ممّا لا يختلف عليه اثنان أن الإسلام العزيز أعطى للجهاد أهميّةً خاصّة، وأسّس لإصطلاح محدّد في مقام التعبير عن ضرورة القتال وحمل السلاح وخوض المعارك في سبيل تثبيت أركان الدين والدفاع عنه، وحفل القرآن الكريم بآيات كثيرة تحدّثت بوضوح عن هذه المهمّة، حتى لقد ذكر البعض أن الآيات التي تعرّضت لمفهوم الجهاد زادت عن المائة وخمسين آية تناولته من زوايا مختلفة وأبعاد متعدّدة.