من خصائص المجتمع الذي يريده الإسلام أنه: مجتمع البناء والسعي والتقدم، فاذا شاهدت مجتمعاً تقهقر الى الوراء، وتخلَّف عن ركب الحضارة، فاعرف أنه ابتعد عن روح الإسلام وجوهره واكتفى بالاسم والعنوان فقط. فليس عبثاً أنك تجد عشرات الآيات في القرآن الكريم تُقرن (الإيمان) بـ(العمل)، وليس مطلق العمل، بل (العمل الصالح)..
هل يكفي الإيمان المقتصر على التصديق والقبول الفكري الكامل لوحده؟ أم أنه يصبح معتبراً عندما يتحول إلى "مسيرة حياة" و"تعهد عملي"؟ نجد القرآن يؤكد على أن الإيمان يكون دائماً ملازماً للعمل ويتحول إلى دافع لأجل "سلوك الطريق نحو المطلوب" وفي عشرات الآيات يبين أن الأجر والثواب الدنيوي والأخروي يترتب على أساس "الإيمان المتلزم بالعمل".
إن عرض الإسلام بشكله المسلكي الاجتماعي مع امتلاكه للأصول المنسجمة والمتناغمة ذات الأبعاد الشاملة للحياة الإنسانية يعتبر اليوم من أولى الضروريات للفكر الديني. لقد كانت الأبحاث والتحقيقات الإسلامية قبل اليوم في الغالب فاقدة لهاتين الخاصتين الفائقتين في الأهمية مما كان يجعل الباحثين والمحققين في عملية مقارنة الإسلام بالمدارس والمسالك الاجتماعية العصرية كما ينبغي، غير قادرين على الوصول إلى نتيجة مثمرة وحكم قاطع.
ان الكلمات القرآنية التي هي محور التشريع الاسلامي ومنار البصيرة الرسالية ومصنع الايمان الصافي يجب أن تفسر وفق السياق القرآني ذاته وما نستنبطه منه، ومن أبرز الكلمات التي تعتبر مفتاحاً لفهم القرآن ومدخلًا لطريق فهم الحياة هي الكلمات التي تؤكد عليها آيات القرآن الحكيم وتجعلها محوراً لسائر الافكار والتشريعات.
لا بد من معرفة أن المؤمن لمَّا كان سيره في هذا العالم معتدلاً، وقلبه سوياً، وتوجّهه نحو الله وصراطه مستقيماً، كان في ذلك العالم أيضاً صراطه مستقيماً وواضحاً، وجسمه معتدلاً وصورته وسيرته وظاهره وباطنه في صورة الإنسان وهيئته.
يبدو أن الله عز وجل خلق الخلق لهدف ما؟.. وهذا الهدف لم يتحقق في حياة الإنسان، لوجود عنصر من عناصر الشر اسمه الشيطان.. وجد مع خلق بني آدم، ولو شاء الله عز وجل لم يخلق الشهوات، ولم يخلق الشيطان.. لكن الإنسان يسير إلى ربه سيراً حثيثاً مستقيماً، شأنه شأن الملائكة.. لكن الله عز وجل أراد من بني آدم، أن يتقرب إليه من خلال المجاهدة.
قال الله تعالى: ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴾1. ممّا لا شكّ فيه أنّ الدنيا التي نحياها هي وسيلة وليست غاية بحدّ ذاتها، والهدف منها هو الوصول إلى الحياة الآخرة بالطريقة التي يطمئنّ الإنسان إليها عند مواجهة المليك المقتدر في يوم الحساب الطويل الذي يجعل الولدان شيباً.
لا شك في أن الاخلاص درجة رفيعة من درجات الايمان ، و الاخلاص هو تصفية النية و العمل من الشوائب ، فالإخلاص ليس إلا الصفاء و النقاء التام من الشوائب و لا يمكن الوصول إلى درجة الاخلاص الا بجهد و عمل مستمر و يقين سابق و متجدد .
ورد أنّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) قال بعد أن برز الإمام(عليه السلام) لذلك البطل الصنديد: "برز الإيمان كلّه للشرك كلّه"، وقال(صلى الله عليه وآله وسلم) بعد أن قتل الأمير(عليه السلام) ذلك الفارس المشهود له بالبطولة والبأس: "ضربة علي تعدل عمل الثقلين."
قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: "الْمُؤْمِنُونَ أَنْفُسُهُمْ عَفِيفَةٌ، وَ حَاجَاتُهُمْ خَفِيفَةٌ، وَ خَيْرَاتُهُمْ مَأْمُولَةٌ، وَ شُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ.
إنه إذا كان من يؤمن أو من يكفر يريد التعدي على أهل الإيمان، ويريد سلب حريتهم، وأن يفسد في الأرض.. فلا بد من وضع حد له، ومنعه عن ممارسة هذا الظلم والقهر للآخرين، والذي لا يرضاه هو لنفسه..