الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

ما هو الزواج المؤقت؟

قام بعضهم وبدون علم ، بتعريف الزواج المؤقت تعريفاً غير مناسب ، وما زالوا ، حيث جعلوه مرادفاً «للاعتراف الرسمي بالفحشاء والإباحية والحرية الجنسية»!!

ولو كان هؤلاء من العوام لكان الأمر سهلاً ، ولكن للأسف هناك بعض علماء الدين من أهل السنّة من يؤيّد هذه التهمة الخطيرة. وأنا على يقين من أنّهم لم يكلفوا أنفسهم بقراءة كتب الموافقين للزواج المؤقت ، ولعلهم لم يقرءوا حتى سطراً واحداً ، وهذا ممّا يؤسف له كثيراً.

ونحن مضطرون في هذا المختصر لبيان شروط الزواج المؤقت ، وبيان الفرق بينه وبين الزواج الدائم بشكل واضح ، حتى تتم الحجة الإلهيّة على الجميع :

إنّ أغلب الشروط والأحكام الموجودة في الزواج المؤقت هي نفسها موجودة في الزواج الدائم :

١. يجب حصول الرضا من قبل الرجل والمرأة بالزواج مع كامل الحرية ، وبدون إجبار أحد الطرفين للآخر.

٢. يجب أن تكون الصيغة في العقد بلفظ" أنكحت" أو" زوجت" أو بلفظ «متعت» ولا يصح بألفاظ أخرى.

٣. يشترط إذن الولي إذا كانت الزوجة باكراً ، ولا يشترط ذلك إذا لم تكن باكراً ، أي ثيباً.

٤. لا بدّ من تعيين المدّة والمهر بشكل دقيق ، وإذا لم تذكر المدّة لنسيان سيتحول العقد إلى عقد دائم ، بناءً على فتوى الكثير من الفقهاء ، وهذا دليل على أنّ ماهية كلا النوعين من النكاح واحدة باستثناء الفرق الوحيد ، وهو ذكر المدة أو عدم ذكرها. فتأمّلوا.

٥. انتهاء المدّة بمنزلة الطلاق ، ويجب على المرأة أن تعتد بعدها مباشرة ، هذا إذا دخل بها.

٦. عدّة العقد الدائم ثلاثة قروء ، وبرؤية القرء الثالث تكتمل العدّة ، ولكن عدة العقد المؤقت قرءان لا أكثر.

٧. الأولاد المولودون من العقد المؤقت هم أولاد شرعيون ، ولهم جميع أحكام الأولاد المولودين من العقد الدائم ـ بلا استثناء ـ ويرثون من الأب والأم والأخوة وجميع الأقرباء ، ولا يوجد أي فرق بين أولاد هذين النوعين من ناحية الحقوق.

٨. أولاد العقد المؤقت يجب أن يكونوا تحت كفالة الأب والأم ، ويجب دفع النفقة وجميع مصاريفهم ـ كما هي الحال مع أولاد العقد الدائم ـ.

ولعلّ بعضهم عند ما يسمع هذا الكلام يستغرب كثيراً ، إنّهم على حق ؛ لأنّ أذهانهم غير سليمة وعامية فيما يتعلق بالعقد المؤقت ، ولعلهم يعتقدون بأنّه زواج غير رسمي وغير كامل ، وهو خارج عن حدود القوانين.

وبعبارة أخرى : هو شبيه بالزنا ، وفي الواقع هو ليس كذلك مطلقاً.

نعم هناك فوارق بين هذين العقدين من جهة الزوج والزوجة ، فالواجبات على كل واحد منهما تجاه الأخر في العقد المؤقت تكون أقل كثيراً منها في العقد الدائم ؛ لأنّ الهدف من الزواج المؤقت التسهيل وعدم التقييد ، ومن هذه الفوارق :

١. إنّ المرأة في الزواج المؤقت ليس لها نفقة ولا إرث. هذا إذا لم تشترط ذلك ، كما ذكره مجموعة من الفقهاء ، فإذا اشترطت ذلك ، فيجب حينه العمل على طبقه.

٢. المرأة في العقد المؤقت حرّة في انتخاب العمل خارج المنزل ، ولا يشترط إذن الزوج إذا لا يعارض حقّه ، ولكن في الزواج الدائم لا يجوز ذلك إلّا بالموافقة.

٣. لا يجب على الرجل في الزواج المؤقت المبيت عند زوجته.

وستتضح ـ بالتأمل في الأحكام التي ذكرناها ـ الأجوبة على الكثير من التساؤلات والأحكام المتعجرفة والشبهات والافتراءات ، وستزول الذهنيات الكاذبة والسقيمة عن هذا الحكم الإسلامي المقدس والحكيم ، وفي الحقيقة أنّه لا يوجد أي تشابه بين الزواج المؤقت وبين الزنا والأعمال المنافية للعفة. ويقيناً أنّ هؤلاء الأشخاص الذين قاسوا بين هذين النوعين من الزواج مغفلون وليس لديهم أي معرفة بحقيقة النكاح المؤقت وشرائطه.

الاستغلال السلبي

الاستغلال السلبي للأمور الحقّة يمنح الفرصة لأصحاب الألسن البذيئة ويقدم الذرائع والحجج لمن يبحث عنها ، ويستند إليها في الطعن بتلك الأمور الحقّة والشرعية.

والزواج المؤقت هو من المصاديق الواضحة لمثل هذا البحث.

ولكن للأسف الشديد قام بعض المغرضين وأتباع الهوى بتشويه هذا الزواج وتحريفه ـ والذي شرع في الأصل ليكون حلاً لبعض المعضلات الاجتماعية المهمّة والضرورات ـ ليعطوا المخالفين الذرائع لنقد هذا التشريع الحكيم.

ولكن السؤال هنا هو : أي حكم لم تنله يد الاستغلال إلى يومنا هذا ، وأي مبدأ قيّم لم تستغله جماعات غير مؤهلة؟

فإذا وضعت المصاحف يوماً على رءوس الرماح كذباً وخداعاً لتوجيه حكم الظالمين والمتعصبين ، فهل معناه أن يوضع القرآن جانباً؟

وإذا قامت مجموعة من المنافقين ببناء مسجد ضرار ، وأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بتدميره أو إحراقه ، فهل هذا يعني أنّ تترك المساجد بشكل كلي؟

وعلى كل حال ، نحن نعترف أنّ بعضهم استغل هذا الحكم الإسلامي المهم ، ولكننا لا يمكن أن نغلق أبواب المسجد لأجل مجموعة تاركة للصلاة ، أو نشعل الحريق لأجل منديل قيصري.

فيجب أن نغلق الباب أمام أتباع الهوى والاستغلاليين ، وأن نضع ضوابط صحيحة للزواج المؤقت ، وخصوصاً في عصرنا الحاضر ، حيث لا يمكن تطبيق هذه القضية من دون تخطيط دقيق وصحيح. فلا بدّ من قيام مجموعة من المختصين وأهل الخبرة بكتابة وتدوين قانون لتنظيمه وتطبيقه ، لقطع الأيادي الشيطانيّة عنه ، والحفاظ على الجانب المشرق لهذا التشريع الحكيم ، وسد المنافذ على كلا المجموعتين : أي : أتباع الهوى ، والمنتقدين الحاقدين1.

 

  • 1. المصدر: الشيعة شبهات وردود، لسماحة آية الله الشيخ مكارم الشيرازي دامت بركاته.