حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
مذهب الجبرية
ذهب المذهب الجبري إلى أنّ الإنسان مجبور في جميع أفعاله ، وهو كالريشة في مهب الريح، أو كالخشبة بين يدي الأمواج ، وأنّ نسبة الأفعال إلى الإنسان مجازية كما تنسب إلى النباتات والجمادات ، فيقال: أثمرت الشجرة، وجرى الماء، وتحرّك الحجر، وطلعت الشمس وما شابه ذلك 1.
أوّل طائفة إسلامية قالت بالجبر:
الجهمية
أصحاب جهم بن صفوان 2 وكانت عقيدتهم بأنّ الإنسان لا يقدر على شيء، ولا يوصف بالاستطاعة ، وإنّما هو مجبور في أفعاله ; لا قدرة له ولا إرادة ولا اختيار، وإنّما يخلق اللّه تعالى فيه الأفعال كما يخلقها في سائر الجمادات، وتنسب الأفعال إلى الإنسان مجازاً كما تنسب إلى الجمادات، فيقال: أثمرت الشجرة، وتحرّك الحجر و ...3.
تنبيهان:
1 ـ انقرض هذا المذهب في أواخر القرن الرابع الهجري، ولم يبق له أثر 4.
2 ـ إنّ نظرية الجبر ـ بصورة عامة ـ لها جذور تاريخية قبل الإسلام ، ثمّ بقيت هذه النظرية بعد مجيء الإسلام معشعشة في عقول بعض المسلمين الذين لم يؤسّسوا معتقداتهم على أساس المباني الإسلامية الصحيحة.
دوافع القول بالجبر
أوّلاً ـ اللجوء إلى أصل يرفع عن كاهل الإنسان مسؤولية الالتزام ، ومن ثمّ الحصول على الحرّية المطلقة ، والانحلال عن كلّ قيد، واتّباع الأهواء وتلبية الرغبات والشهوات النفسانية من دون الالتزام بأي مبدأ.
ثانياً ـ مبادرة بعض السلطات الجائرة إلى ترويج هذا المفهوم من أجل:
1 ـ تبرير أعمالهم المنحرفة والإجرامية.
2 ـ الاستمرار بسياسة التنكيل والبطش ضدّ مخالفيهم.
3 ـ إخماد الثورات التي تقوم ضدّهم من قبل الجهات المعارضة لهم.
4 ـ توفير الأجواء المناسبة لاستقرار عروشهم وانغماسهم في ملذّاتهم الدنيوية.
مفاسد القول بالجبر
1 ـ تحطيم أركان أساسية من المنظومة الدينية، سنذكرها في المبحث الرابع من هذا الفصل عند بيان الأدلة المبطلة للجبر والمثبتة للاختيار.
2 ـ اندفاع الإنسان إلى الكسل والخمول والانقياد للوضع المتردّي، وعدم بذل الجهد والسعي لتغيير هذا الوضع نتيجة عدم الاعتقاد بامتلاك القدرة على التأثير والتغيير.
3 ـ تبرئة النفس عن ارتكاب الأعمال المخالفة للدين والأخلاق ، وجعل هذه العقيدة ذريعة للاتّجاه نحو الفساد والانحلال.
4 ـ إطلاق أيدي الظالمين لإهلاك الحرث والنسل ، وارتكاب كلّ ما يؤدّي إلى الدمار والفساد ، وتقييد أيدي المظلومين والمستضعفين عن القيام بأي ردّ فعل أمام الظالمين 5.
- 1. انظر: مقالات الإسلاميين ، أبو الحسن الأشعري: ذكر قول الجهمية، ص279.
الملل والنحل ، الشهرستاني: ج1 ، الباب الأوّل ، الفصل الثاني: الجبرية ، 1 ـ الجهمية، ص87.
- 2. جهم بن صفوان: هو أبو محرز جهم بن صفوان الراسبي.
قال عنه الذهبي في تذكرة الحفاظ (رقم 1584):
"الضال المبتدع ، رأس الجهمية ، هلك في زمان صغار التابعين ، وما علمته روى شيئاً، ولكنه زرع شراً عظيماً".
وذكر عنه الطبري في تاريخه (حوادث سنة 128):
كان كاتباً للحارث بن سريج الذي خرج في خراسان في آخر دولة بني أمية .
- 3. انظر: مقالات الإسلاميين ، أبو الحسن الأشعري: ذكر قول الجهمية، ص279.
الفرق بين الفرق ، عبد القادر الاسفرائيني: الباب الثالث ، الفصل السادس ، ص211.
الملل والنحل ، الشهرستاني: ج1 ، الباب الأوّل ، الفصل الثاني: ص86 .
- 4. انظر: العروة الوثقى ، جمال الدين الأفغاني ومحمّد عبده ، إعداد: هادي خسرو شاهي: ص115 .
- 5. المصدر: كتاب العـدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام) لـشيخ علاء الحسّون.