حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
ما هو الطريق لحل المشكلات للامة الاسلامية؟
الحمد لله رب العالمين و الصلوة و السلام على اشرف الانبياء و المرسلين، محمد خاتم النبيين، و على اله الطيبين الطاهرين و السلام عليكم ايها الاخوة و رحمة الله و بركاته.
مع ان عدد المسلمين فى العالم يتجاوز المليار نسمة، و مع غنى بلادهم بالثروات الطبيعية و المواد الاولية و مع امكانياتهم الجيدة فى مجالات الصناعة و الزراعة و الثروة الحيوانية...
و مع ان امة بهذه الامكانات يجب ان تكون امة مستقلة و قوية فى العالم...فأن اوضاع المسلمين ليست كذلك مع الاسف! و فيما يلى نشير اليها بصورة مجملة.
1) مع ان المسلمين بحكم القرآن الكريم امة واحدة حيث يقول﴿ إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ 1، فان اعداء الاسلام نفذوا خطتهم و جزؤوا امّة الاسلام الكبرى فجعلواها دولا متعددة.
2) مع ان جميع المسلمين بحكم القرآن الكريم اخوة، و قد نهاهم الله تعالى عن الاختلاف و التفرق﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ... ﴾ 2﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ... ﴾ 34فان التفرقة و النظرة السلبية و عدم الثقه، و حتى العداء، توجد بين البلاد الاسلامية.
3) فى الوقت الذى قام اعداؤنا الغربيون و الشرقيون بتجزية الامة الاسلامية و فصل شعوبها عن بعضها، اقاموا بينهم و بين حكوماتها مواثيق و معاهدات رسمية. حيث نرى هذه الحكومات ترتبط بهم ثقافيا و اقتصاديا و عسكريا، و فى سائر الشؤن، بل و تقلّدهم! مع ان القرآن الكريم اراد للمسلمين ان يكونوا امّة مستقلة و نهاهم عن الارتباط و التبعية لغيرهم فهو يقول:
﴿ ... وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ﴾ 5، و ينادى ﴿ ... يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ ... ﴾ 6﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ 7.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا ﴾ 8.
4) يقوم المستكبرون و كفار الشرق و الغرب بنهب ثروات البلاد الاسلامية بثمن بخس فيبنون بذلك بلادهم، ثم يبيعون بهذا الثمن للمسلمين سلعا غير ضرورية و اسلحة.
5) بسبب الخطة المشؤومة لاعدائنا الكفار المستكبرين، وقع المسلمون فى سباق شراء الاسلحة. فتراهم لخوفهم من بعضهم ينفقون اكثر مواردهم فى شراء الاسلحة و التجهيزات العسكرية، فيما يهملون العمل لاعمار بلادهم و محاربة البطالة و الفقر و الحرمان المتفشّية فى شعوبهم.
6) اقام اعداؤنا فى قلب بلادنا الاسلامية اسرائيل الغاصبة، فهم يحمونها بكل قوتهم و يقدمون لها انواع الاسلحة و المعدات العسكرية لكى يحققوا بذلك مجموعة اهدافهم التى من ضمنها استنزاف طاقة البلاد الاسلامية و استنزاف مواردها بشراء الاسلحة!
7) من الامور الملفتة فى مسألة بيع الاسلحة الى البلاد الاسلامية ان الهدف فيها ليس تقوية هذه البلاد على الدفاع عن نفسها و تحقيق استقلالها و حريتها طبعا، بل الهدف ربط هذه البلاد بهم و التحكّم فى زمام امورها و فى جيوشها عن طريق تكبيلها بالاتفاقيات و التحكم بحاجتها الى الذخيرة و قطع الغيار و فرض خبراء عسكريين عليها، و ما شابه ذلك...و هذا هو السبب فيما نشاهده من ان الدول العربية على الرغم من الاسلحة و المعدّات الكثيرة التى لديهم لم يستطيعوا ان يقاوموا اسرائيل مقاومة فعّالة، او يحقّقوا تقدّما ملموسا فى حربهم معها...و قدراينا كيف قامت اسرائيل باحتلال البلاد الاسلامى و ارتبكت الفظائع و المجازر بحق المسلمين الفلسطينين فى صبرا و شاتيلا و غيرها...جرى كل ذلك و يجرى على مرأى و مسمع من هذه الحكومات المدّعية للاسلام التى لم تحركها صرفات استغاثة المسلمين و التزمت السكوت المريب تجاه هذا العدوان الاسرائيلى الجديد بل لم يؤثر ذلك مسيرها نحو التفاوض مع اسرائيل و الاستسلام لها.
8) على راس الجهاز الحاكم فى اغلب البلاد الاسلامية اشخاص يطيعون اوامر و رغبات المستكبرين الغربيين و الشرقيين، و فى الواقع انهم عملاء لهم، فهم يقومون بارهاب شعوب الامة الاسلامية بالقوة العسكرية التى فى ايديهم ، و يصادرون حريتها و يمنعونها من ابداء رايها فى قضاياها المحلية و القضايا الاسلامية الاخرى.
هذه النقاط المتقدمة هى اشارة اجمالية، الى اوضاع بلادنا الاسلامية المؤسفة، فياترى ما هو الحل لهذه الاوضاع السيّئة و المشاكل المحيطة؟
يا ترى الى متى سيبقى المسلمون يتحملون هذه الظروف، و يرزحون تحت سلطة المستكبرين من الشرق و الغرب؟ ترى هل يرضى رسول الله صلى الله عليه وآله لامته هذه الاوضاع؟ و هل ان الله تعالى يعذر المسلمين و هم يعيشون فى ظل هذه الظروف؟ كلا، ـ فما هو الحل؟
بصورة اجماليه يجب القول: ان هذه الاوضاع المؤسفة انما جاءت من عدم العمل بالاسلام الحقيقى و الاعراض عن القرآن و انه ليس لدينا حل لمشكلتنا التى تخيّم على كل مرافق حياتنا الاّ بوعى الاسلام الاصيل و تطبيقه فى كل المجالات و العودة الى القرآن الكريم و السنة النبوية الاصيلة طريق الحل الوحيد ان لا نعقد الآمال على الحكومات التى تدّعى الاسلام، لانها ترتبط بالاجانب و لاتعمل الاّ برأيهم. طريق الحل الوحيد ان نبنى المسلمين بحقائق الاسلام، و نقوّى الطاقة الايمانية فى شخصياتهم، و نحيى فى نفوسهم روح الايثار و التضحية و الجهاد و حبّ الشهادة فى سبيل الله تعالى و الشعور بالمسؤولية و الثقة بالله تعالى، و الدفاع عن الاسلام و القرآن، و مقاومة الكفر و الظلم...كما فعله رسول الاسلام صلى الله عليه و آله.
طريق الحل الوحيد ان يفعل المسلمون اليوم كما فعل اسلافهم فى صدر الاسلام اذ تسلّحوا بطاقة الايمان و سلاح «الله اكبر» و صاروا قوّة عظمى فى العالم و هيّئا لهم كل تلك الانتصارات الباهرة، كان الايمان هو العامل الاهم فى انتصار المسلمين فى صدر الاسلام و كان هو الاساس الثابت لكل ما قاموا به من اعمال و بذلوا من جهود. فكل تضيحة و صبر و ثبات و جهاد كان لديهم فانما هو مسبب عن ايمانهم لانهم كانوا مؤمنين حقيقيين نجحوا فى ثورتهم و رفعوا راية التوحيد خافقة فى سماء العالم كله و الايمان بالحياة الاخرى يجعل من حياة الانسان حياة هادفة و يسموا بفكر الانسان و يخرجه من الاجواء الضيّقة و يحلق به فى اجواء واسعة جدا هى اجواء الحياة الاخرى بما فيها من اشعاع و خلود و يمنح المجاهدين فى سبيل الله، الصبر و الثبات و الجرأة و الشجاعة الى الحد الذى لا يخشى ايّة قوّة من القوى مهما عظمت. فبذلك تتمكن شعوبنا الاسلامية ان تثور على الحكومات العميلة للاجانب و تسقطها، و تخرج من بلادها الخبراء العسكريين الشرقيين و الغربيين و تملك مخازن اسلحتها بيدها و تدافع بايمانها و سلاحها عن استقلالها و حريتها و تطبيق احكام القرآن المقدسة فى كل مجالات حياتها.
و بذلك يتمكن المسلمون ان يستعيدوا اخوتهم و علاقاتهم الاسلامية بين بلادهم و شعوبهم، و ان ينهضوا فى مواجهة اعدائهم المشركين المستكبرين.
طريق الحل الوحيد ان يجدد المسلمون الثورة الاسلامية المحمدية فى صدر الاسلام لكى يستعيدوا القوّة و العزّة و المجد الذى فقدوه.
و طبيعى ان سلوك هذا الطريق ليس سهلا ميسّرا...انه طريق يلزمه الجهاد و التضحية و الشهادة... والاهم من ذلك انه يحتاج الى قيادة دينية صحيحة و لكنة فى كل حال طريق تحقيق النصر... ذلك انه وعدا الله تبارك و تعالى حيث يقول﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ 9، و حيث ينادى﴿ ... وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ 10﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ... ﴾ 11﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ 12.
﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ... ﴾ 13 انكم تستطيعون، أيها الاخوة، أن تشاهدوا نموذجا من الثورة النبوية العظيمة فى صدر الاسلام فى الثورة الاسلامية الايرانية بقيادة الامام الخمينى،(قدس سره) الذى يهتدى بهدى القرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة، و ان تشاهدوا بالعيان انتصار الايمان و سلاح «الله اكبر» على قوّة الكفر و الاستكبار العالمى. و فى الختام نسأل الله النصر للمؤمنين المجاهدين فى شتى البلاد الاسلامية و الخذلان على الكفار و المستكبرين و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته14.
- 1. القران الكريم: سورة الأنبياء (21)، الآية: 92، الصفحة: 330.
- 2. القران الكريم: سورة الحجرات (49)، الآية: 10، الصفحة: 516.
- 3. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 103، الصفحة: 63.
- 4. القران الكريم: سورة (8)، الآيات: 462 - 46، الصفحة: -1.
- 5. القران الكريم: سورة النساء (4)، الآية: 141، الصفحة: 101.
- 6. القران الكريم: سورة الممتحنة (60)، من بداية السورة إلى الآية 1، الصفحة: 549.
- 7. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 51، الصفحة: 117.
- 8. القران الكريم: سورة النساء (4)، الآية: 144، الصفحة: 101.
- 9. القران الكريم: سورة محمد (47)، الآية: 7، الصفحة: 507.
- 10. القران الكريم: سورة الروم (30)، الآية: 47، الصفحة: 409.
- 11. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 160، الصفحة: 71.
- 12. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 139، الصفحة: 67.
- 13. القران الكريم: سورة فاطر (35)، الآية: 10، الصفحة: 435.
- 14. المقالة في الموقع الرسمي لسماحة آيت الله ابراهيم الأميني