حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
الإسلام دين عالمي و ليس ديناً عربياً
مقال قيم لسماحة الشيخ صالح الكرباسي يلقي الضوء على عالمية الدين الاسلامي و يثبت ذلك بالأدلة القاطعة من القرآن الكريم و الأحاديث الشريفة ، كما و يرد على الشبهات المطروحة حول عالمية الخطاب القرآني .
الإسلام دين عالمي و ليس ديناً عربياً
من يتدبر القرآن الكريم يجد التأكيد القرآني على عالمية الدين الإسلامي و الرسالة المحمدية قوياً جداً ، إلى جانب ما تؤكده الأحاديث الشريفة من أن الله عَزَّ و جَلَّ قد أرسل رسوله النبي محمد المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) ـ كما أرسل القرآن ـ إلى العالمين أيضاً ، و ليس للبشر خاصة ، و إليك نماذج من هذه النصوص :
قال الله تعالى : ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴾ 1 .
و قال عَزَّ مِنْ قائل : ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ 2 .
الأحاديث الشريفة تؤكد عمومية الخطاب الإلهي
أما الأحاديث الشريفة التي تصرح بعمومية الخطاب القرآني و الشريعة المحمدية فكثيرة هي أيضاً ، و إليك نماذج منها :
قال الإمام أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) ـ في خطبة له في يوم الجمعة ـ : " ... وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً ( صلى الله عليه و آله ) عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ خِيَرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ ، اخْتَارَهُ بِعِلْمِهِ ، وَ اصْطَفَاهُ لِوَحْيِهِ ، وَ ائْتَمَنَهُ عَلَى سِرِّهِ ، وَ ارْتَضَاهُ لِخَلْقِهِ ، وَ انْتَدَبَهُ لِعَظِيمِ أَمْرِهِ ، وَ لِضِيَاءِ مَعَالِمِ دِينِهِ ، وَ مَنَاهِجِ سَبِيلِهِ ، وَ مِفْتَاحِ وَحْيِهِ ، وَ سَبَباً لِبَابِ رَحْمَتِهِ ، ابْتَعَثَهُ عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ ، وَ هَدْأَةٍ مِنَ الْعِلْمِ ، وَ اخْتِلَافٍ مِنَ الْمِلَلِ ، وَ ضَلَالٍ عَنِ الْحَقِّ ، وَ جَهَالَةٍ بِالرَّبِّ ، وَ كُفْرٍ بِالْبَعْثِ وَ الْوَعْدِ ، أَرْسَلَهُ إِلَى النَّاسِ أَجْمَعِينَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ بِكِتَابٍ كَرِيمٍ ... " 3 .
و روى الإمام الحسين بن علي ( عليه السَّلام ) عن أبيه أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) ـ في حديث طويل يشرح فيه فقرات الأذان ـ أنهُ قَالَ : " ... وَ أَمَّا قَوْلُهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ، يَقُولُ أُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ نَبِيُّهُ وَ صَفِيُّهُ وَ نَجِيبُهُ أَرْسَلَهُ إِلَى كَافَّةِ النَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴿ ... بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ 4 ، 5 .
و رُوِيَ عن الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السَّلام ) أنهُ قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَ مُحَمَّداً ( صلى الله عليه و آله ) إِلَى الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ ... " 6 .
و رُوِيَ عن الإمام موسى بن جعفر الكاظم ( عليه السَّلام ) أنهُ قال ـ في حديث طويل ـ : " وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ ... " 7 ، إلى غيرها من الأحاديث الكثيرة .
من شبهات خصوم الإسلام ضد عالمية الخطاب القرآني
منذ عقود من الزمن و خصوم الإسلام و أعدائه يجهدون في إثارة الشبهات ضد عالمية الدعوة الإسلامية و التشكيك في شمولها لجميع أفراد البشر ، في محاولة لتصوير الدين الإسلامي ديناً خاصاً بالعرب ، بل بالذين كانوا يعيشون في الجزيرة العربية حين نزول القرآن ، كل ذلك لأجل حصر الدين الإسلامي في حدود إقليمية أو قومية ـ أو غيرها من الحدود الضيقة ـ منعاً من انتشاره و الحيلولة بينه و بين شعوب العالم و منع هذه الشعوب من أن تتعرف على أفكار هذا الدين و رؤاه النيرة .
و من هذا المنطلق فهم يطرحون الشبهات الواحدة تلو الأخرى ، فتارة نجدهم يقولون : لماذا أنزل الله عَزَّ و جَلَّ القرآن الكريم باللغة العربية ؟ أ ليس هذا دليلاً على أن الإسلام دين يخص العرب فحسب ؟!
و تارة نجدهم يشككون في عالمية الدعوة الإسلامية بقولهم : إذا كان الدين الإسلامي ديناً عالمياً شرعه الله جَلَّ جَلالُه للبشرية جمعاء كما تقولون ، فلماذا نجد الصبغة العامة لآيات القرآن الكريم هو الاهتمام بالانسان العربي و بكل ما هو موضع اهتمامه ، و خاصة بالانسان العربي الذي كان يعيش في الجزيرة العربية عند بدأ الدعوة الإسلامية و انتشارها ؟!
و نجدهم يحاولون إثبات مُدَّعاهم من خلال قولهم : عندما يتحدث القرآن عن نعيم الجنة فلماذا يتحدث عن الأشياء التي كانت موضع اهتمام أو طموح من كان يعيش في الجزيرة العربية الجرداء التي كان الماء و الشجر و الفواكه فيها عملة نادرة و عزيزة ، حيث نجد القرآن يتحدث عن الجنات التي تجري من تحتها الأنهار ، أو يتحدث عن النساء بصورة عامة ، و عن حور العين ـ بأوصافها الخاصة ـ بصورة مركزة ، و هي من الأمور التي كانت موضع إهتمام العرب آنذاك ، أما غير العرب من الذين كانوا يسكنون الشامات و جنوب أوربا و مصر و غيرها من البلاد العامرة الغنية بالثروات الزراعية ، و المياه و الأنهار ، و المأكولات الشهية ، و النساء الحسناوات ، و غيرها من مظاهر الترف و الزينة و الرفاهية ، فقد لا تكون وعود القرآن الكريم ـ الجنة و نعيمها ـ شيئاً جديداً بالنسبة لهم ، و قد لا ينال منهم اهتماماً كبيراً ، فأ ليس هذا دليلاً واضحاً على أن الإسلام و القرآن خاص بعرب الجزيرة العربية ، حيث أنهم المقصودون في القرآن دون غيرهم من الأمم و الشعوب ، خاصة المتحضرة منها في عصرنا الحاضر ؟!
ردنا على هذه الشبهات
أما ردنا على هذه الشبهات ـ بصورة مختصرة ـ فيكون من خلال الإجابات التالية :
ألف ـ إن ما جاء في القرآن الكريم من ذكر أنواع النعم التي أعدها الله عَزَّ و جَلَّ للمؤمنين و المؤمنات في الجنة جزاءً لهم على حُسن أعمالهم كالأشجار المثمرة و الفواكه و اللحوم و النساء ، و الولدان المخلدون ، و غيرها من النعم التي ذكرها القرآن بأوصاف خاصة ليست الا من باب ذكر النماذج فقط .
باء ـ مضافاً إلى أن النعم المذكورة في القرآن و المشار اليها في السؤال هي نعم و مواصفات يلتذ منها عامة الناس و غالبيتهم ، و ما يُصوره البعض من أنها ليست مما تنال إهتمام الجميع ليس صحيحاً ، فالانهار و العيون و الأشجار و الزرع و النخيل و الأعناب و العيون السوداء مما يرغب فيه جميع الناس و ليست من مختصات بيئة خاصة .
جيم ـ كما و أن وصف نعيم الجنة الوارد في القرآن إنما جاء في الغالب بألفاظ عامة و شاملة من دون تحديد كالأمثلة التالية :
قال جَلَّ جَلالُه : ﴿ وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ ﴾ 8 .
و قال عَزَّ مِنْ قائل : ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ 9 ، إلى غيرها من الأمثلة العامة الكثيرة ، فقد ذكر القرآن الأطعمة و الأشربة بصورة عامة في الغالب ، و مثل لها ببعض الأمثلة ليتلمسها المستمع القريب أيضاً .
دال ـ مضافا إلى أن الفواكه المذكورة كالأعناب و النخيل ليست خاصة بالجزيرة العربية وحدها ، فالعنب ينمو في أكثر نقاط الكرة الارضية ، و النخيل ينمو و يثمر في رقعة واسعة من العالم و لا يختص بالجزيرة العربية ، فالعراق و إيران و الخليج و شمال أفريقا ، و مناطق من الشام و فلسطين و جنوب اوربا ، و غيرها من البلاد هي مواطن طبيعية للنخيل .
كما و أن القرآن يتحدث أيضا عن مطلق النبات و الزرع في كثير من الآيات قبل و مع و بعد التحدث عن الأعناب و النخيل .
قال الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ 10 .
كما و أن الزيتون و الرمان كذلك ينموان في مناطق كثيرة من العالم كأسبانيا و اليونان و غيرها و لا يختصان بالجزيرة العربية ، كما هو واضح .
هاء ـ هذا مضافاً إلى أن الله عَزَّ و جَلَّ ذكر في القرآن الكريم أنواعاً أخرى من النعم الكثيرة ـ غير الفواكه و الأنهار و ما شابههما ـ بأوصاف غير محددة بحيث تشمل نعماً تتوافق مع جميع الأذواق ، أمثال قول الله تعالى : ﴿ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا * حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا * وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا * وَكَأْسًا دِهَاقًا * لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا * جَزَاء مِّن رَّبِّكَ عَطَاء حِسَابًا ﴾ 11 ، 12 .
واو ـ كما و لا بُدَّ من الإشارة إلى إن النعم المعنوية التي ذكرها القرآن الكريم جزاءً لأهل الجنة لهي في مذاق الأبرار أعظم من الأنهار و العيون و الأشجار ، و هي نعم عامة كرضوان الله ، و ما عبَّر عنها بالفوز العظيم ، و غيرها من النعم المادية و المعنوية هي نعم غير متناهية و ليست فيها أية شائبة تخصصها ، و أمثلة ذلك كثيرة جداً ، نذكر منها بعض النماذج فقط :
قال الله تعالى : ﴿ يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾ 13 .
و قال عَزَّ مِنْ قائل : ﴿ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ 14 .
- 1. القران الكريم : سورة الأنبياء ( 21 ) ، الآية : 107 ، الصفحة : 331 .
- 2. القران الكريم : سورة الفرقان ( 25 ) ، الآية : 1 ، الصفحة : 359 .
- 3. الكافي : 8 / 173 .
- 4. القران الكريم : سورة التوبة ( 9 ) ، الآية : 33 ، الصفحة : 192 .
- 5. مستدرك الوسائل : 4 / 66 .
- 6. الكافي : 1 / 532 .
- 7. بحار الأنوار : 18 / 232 .
- 8. القران الكريم : سورة الواقعة ( 56 ) ، الآية : 20 و 21 ، الصفحة : 535 .
- 9. القران الكريم : سورة المرسلات ( 77 ) ، الآيات : 41 - 43 ، الصفحة : 581 .
- 10. القران الكريم : سورة النحل ( 16 ) ، الآية : 11 ، الصفحة : 268 .
- 11. القران الكريم : سورة النبأ ( 78 ) ، الآيات : 31 - 36 ، الصفحة : 583 .
- 12. و لمزيد من التفصيل أنظر الآيات : 10 – 40 من سورة الواقعة
- 13. القران الكريم : سورة الزخرف ( 43 ) ، الآيات : 68 - 73 ، الصفحة : 494 .
- 14. القران الكريم : سورة يونس ( 10 ) ، الآية : 26 ، الصفحة : 212 .
3 تعليقات
الاسلام
أضافه محمد عثمان في
شكرا على هذا التقرير قد افادني في بحثي
عالمية الإسلام
أضافه عمر التازي في
شكرا على هذا البحث المدقق لكنك يا استاذ نسيت الامثلة
هل القرآن عالمي
أضافه 4709 في
التعميق القليل في هذا الموضوع، وللفهم متطلبات أفضل للمسائل العملية الواضحة محددة للفهم. في الأساس، فإن الأسئلة يمكن أن تبدأ على النحو التالي:
- إذا كان رسول الله في الفترة نفسها وعاش في ثقافة أخرى أو اليوم في نفس الجغرافية والمختلفة في مجتمع آخر كيف سيكون التصرف، بالباس، والحديث، والشرب والاكل؟
- وهل أنه يرتدي الزي نفسه في هذا اليوم، ولم تتضمن كذلك الأكل و الشرب؟
- هل يأكلوا بموقف اليد اليمنى، ويلبس عمامة، و يركب الجمل وهل هذه الأعمل جزائها الحسنات؟
- أليس بالتأكيد ترك اللحية، ويتهم الكلب الأسود بالشيطان، لا يصافح النساء ؟
- هل إذا قد جاء إلى منطقة جغرافية أخرى لغة المجتمع الذي أتى إليه ترك لغته و يتعلم اللغة العربية ؟
- إذا كان يتكلم بلغة أخرى هل سيكون تعلمها من الواجبات الدينية؟