ما هي الحدود الشرعية و ما هي اسبابها؟

الحدود الشرعية 1 هي عقوبات مقدرة في الشريعة الإسلامية لردع العصاة و المجرمين عن إرتكاب المحرمات و الجرائم، و هي على أنواع:
1. القَتْل: و هو حدُّ الزاني بالمُحرَّمات نَسَبَاً، و حَدُّ الزاني بإمرأة أبيه، و حَدُّ من أكره إمرأةً على الزنى.
2. الجَلْدُ: و هو الضَرْبُ بالسَّوط، و السَّوطُ هو ما يُجْلَدُ به، و مقدار الجَلْد هو مئةُ سَوط، لقول الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ 2.
و أمَّا صورة الجَلْد فهي أن يُجْلَد الرجُلُ و هو واقف، و يُجَرَّد من ثيابه حين الضرب إن قُبض عليه حين الزنى عارياً، و إلا فلا تجريد، و أما المرأة فتُجْلَد جالسة، و لا تُجَرَّد من ثيابها.
هذا و يُضاف الرَجْمُ على الجَلد بالنسبة الى الشيخ 3 المُحْصَن 4 و الشيخة المُحْصَنة.
3. الرَجْمُ فقط: و هو حد الزاني و الزانية المحصنين غير الشيخ و الشيخة.
و الرَجْم: هو القَتْلُ رمياً بالحجارة.
و أمَّا صورة الرَّجْم فهي أن تُحفر حُفرة، و توضع فيها المرأة إلى صدرها، و الرجل إلى حَقْوَيه، ثم يَرْمِي الناس الزاني بأحجار صغار.
قال الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: "تُدْفَنُ الْمَرْأَةُ إِلَى وَسَطِهَا ثُمَّ يَرْمِي الْإِمَامُ وَ يَرْمِي النَّاسُ بِأَحْجَارٍ صِغَارٍ وَ لَا يُدْفَنُ الرَّجُلُ إِذَا رُجِمَ إِلَّا إِلَى حَقْوَيْهِ" 5.
هذا، بعد أن يغتسل، و يتحنط، و يلبس الكفن، ثم بعد موت المرجوم يُصلى عليه صلاة الميت.
و إذا هرب الزاني من الحفرة وجب اعادته إليها ان كان قد ثبت عليه الزنى بالبَيِّنَة، و أما إذا كان المراد رجمه من الذين لم تثبت عليه الزنى بالبينة بل هو الذي أقرَّ على نفسه بالزنى فلا يُعاد بعد فراره إلى الحفرة، فعَنِ الْحَسَنِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ 6 مُوسَى عليه السلام: أَخْبِرْنِي عَنِ‏ الْمُحْصَنِ‏ إِذَا هَرَبَ‏ مِنَ الْحُفْرَةِ هَلْ يُرَدُّ حَتَّى يُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ؟
فَقَالَ: "يُرَدُّ وَ لَا يُرَدُّ".
قُلْتُ: فَكَيْفَ ذَلِكَ؟!
قَالَ: "إِنْ كَانَ هُوَ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ هَرَبَ‏ مِنَ الْحُفْرَةِ بَعْدَ مَا يُصِيبُهُ شَيْ‏ءٌ مِنَ الْحِجَارَةِ لَا يُرَدُّ، وَ إِنْ كَانَ إِنَّمَا قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَ هُوَ يَجْحَدُ ثُمَّ هَرَبَ رُدَّ وَ هُوَ صَاغِرٌ حَتَّى يُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَ ذَلِكَ أَنَّ مَالِكَ بْنَ مَاغِرِ بْنِ مَالِكٍ أَقَرَّ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُرْجَمَ، فَهَرَبَ مِنَ الْحُفْرَةِ، فَرَمَاهُ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ بِسَاقِ بَعِيرٍ فَعَقَلَهُ بِهِ، فَسَقَطَ فَلَحِقَهُ النَّاسُ فَقَتَلُوهُ، فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله بِذَلِكَ.
فَقَالَ: "هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ يَذْهَبُ إِذَا هَرَبَ، فَإِنَّمَا هُوَ الَّذِي أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ".
وَ قَالَ: "أَمَا لَوْ أَنِّي حَاضِرُكُمْ لَمَا طَلَبْتُمْ".
قَالَ: وَ وَدَاهُ 7 رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِين‏ 8.
4. الجَلْدُ و الحَلْقُ و النَفيُ: و هي الحد الشرعي للشاب غير المُحْصَن.
5. الجَلْدُ فقط: للمرأة غير المُحصنة.

  • 1. الحد الشرعي: مصطلح فقهي و شرعي يُطلق على العقوبة التي نصت عليها الشريعة الاسلامية و أوجبت انزالها بالعاصي الذي ارتكب جريمة معينة.
    و يُسمَّى الحَدُّ عُقُوبةً مقَدَّرَة، لأن الشارعَ هو الذي قدَّرَها، و الغاية من تشريع الحدود هي الرَّدع و الزجر عن المُحَرَّمات.
  • 2. القران الكريم: سورة النور (24)، الآية: 2، الصفحة: 350.
  • 3. الشيخ: من جاوز ست و أربعين سنة، و الشيخ فوق الكهل، و الجمع شيوخ و أشياخ، و الشيخة: مؤنث الشيخ.
  • 4. الإحصان في اللغة هو المنع، و المراد به هنا أن يكون الإنسان البالغ العاقل متزوجاً بالعقد الدائم، و أن يطأ في القُبُل، و أن يتهيأ للزوج الوطء متى شاء، فإذا لم يكن متزوجاً أو كان، و لكن لم يحصل وطء، أو حصل ثم غاب عنها أو غابت عنه، أو امتنعت عنه لسبب من الأسباب فلا يترتب عليه حكم الاحصان، و لا تكون المرأة مُحَصنة إلاّ بهذه الشروط، ما عدا التمَكُّن من الوَطء فانه يعتبر في حق الزوج خاصة دون الزوجة.
  • 5. الكافي: 7 / 185، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني، المُلَقَّب بثقة الإسلام، المتوفى سنة: 329 هجرية، طبعة دار الكتب الإسلامية، سنة: 1365 هجرية / شمسية، طهران / إيران.
  • 6. أي الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)، سابع أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
  • 7. ودى القاتل القتيل بدية دمه إذا أعطى وليه المال الذي هو بدل النفس، ثم قيل لذلك: الدية تسمية بالمصدر. مجمع البحرين: 1 / 433، للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي، المولود سنة: 979 هجرية بالنجف الأشرف / العراق، و المتوفى سنة: 1087 هجرية بالرماحية، و المدفون بالنجف الأشرف / العراق، الطبعة الثانية سنة: 1365 شمسية، مكتبة المرتضوي، طهران / إيران.
  • 8. المحاسن: 2 / 306 لأحمد بن محمد بن خالد البرقي، المتوفى سنة: 274 أو 280 هجرية، الطبعة الثانية، دار الكتب الإسلامية، قم/إيران، سنة 1371 هجرية.