الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

ما هو معنى الوحدة الاسلامية بين ابناء وشعوب الامة الاسلامية؟ هل تفسر الوحدة بالغاء اختلاف التفاسير والاجتهادات في الاسلام؟

لا يمكن أن تعني الوحدة إلغاء التفاسير والاجتهادات.. الوحدة تعني أن نلتقي على المشتركات التي هي أغلب وأوسع من المفترقات.. نلتقي على الإيمان بالله ورسوله والحب والولاء لأهل بيت النبي عليهم السلام، نلتقي على مرجعية القرآن الكريم، وحتى الروايات الحديثية نجد فيها المشتركات بين المذاهب كثيرة جداً.

وكذلك مصالح العالم الإسلامي مشتركة، فقضية فلسطين هي قضية دينية سياسية جامعة، ورفع الظلم عن الأمة وحماية ثرواتها ومصالحها كل ذلك من المشتركات التي يمكن أن نتلاقى عليها، ولكن قبل ذلك كله وبعده يجب أن نسعى إلى الوحدة الإسلامية لأنها فريضة مؤكدة في كتاب الله عز وجل بنصوص واضحة صريحة: قال تعالى: ﴿ ... وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ 1 ﴿ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ... 2 ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا ... 3 ﴿ إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ 4 ... وغير ذلك من النصوص الكثيرة التي تؤكد وجوب الوحدة وحرمة الفرقة. وهذا المعنى لم تؤكد عليه الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مؤتمرات وتوصيات فحسب، بل جعلته من الموادّ الأولى لدستور الجمهورية الإسلامية، فنجد في المادة الحادية عشرة من الدستور الإسلامي: «بحكم الآية الكريمة ﴿ إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ 4 يعتبر المسلمون أمة واحدة، وعلى حكومة جمهورية إيران الإسلامية إقامة كل سياستها العامة على أساس تضامن الشعوب الإسلامية ووحدتها، وأن تواصل سعيها من أجل تحقيق الوحدة السياسية والاقتصادية والثقافية في العالم الإسلامي».

وهذا كله لا يلغي المذاهب والاجتهادات، وإنما يمكن إقامة وحدة بين الشعوب الإسلامية مع بقاء الخصوصيات، على أن نعمل وبالحوار على ألا يبقى هناك خصوصيات، بل آراء واجتهادات تكون عابرة للطوائف والمذاهب، بمعنى أن يستطيع العالم أو حتى المسلم العادي أن يتبنى اجتهاداً أو رأياً أو قراءةً في مسألةٍ ولو خالفت مذهبه، دون أن يؤثر ذلك على موقعه بين أبناء مذهبه. باختصار الوحدة على قاعدة المشتركات فريضة وضرورة، هذا في حدها الأدنى وطموحنا أن نصل إلى حالة يخف فيها التمذهب الفردي الخالص، فنجد الفرد السني يتبنى آراءً واجتهاداتٍ من الفقه والفكر الشيعي، والعكس صحيح.