حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
الشباب في عالم متغير
يمر المجتمع العربي بتحولات عميقة وتغيرات سريعة شملت مختلف جوانب الحـياة الثقافية والعلمية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، وهي تحولات فرضتها طبيعة الحياة المعاصرة المتغيرة بأدواتها الجديدة والحديثة.
وأكثر الشرائح الاجتماعية تأثراً بما يجري من تحولات وتغيرات هي شريحةالشباب باعتبارها الشريحة الأكثر تفاعلاً مع قضايا التحديث والتجديد والعصرنة التي باتت تهب على كافة المجتمعات البشرية.
وفي ظل المتغيرات المتسارعة في مجتمعاتنا يشعر الكثير من الشباب بالقلق والخوف من المستقبل نظراً لوجود معوقات تحول دون الوصول لتطلعاتهم وطموحاتهم وأهدافهم في الحياة.
ومن هنا، يأتي أهمية وعي الشباب بتلك المعوقات والعمل على تجاوزها في سبيل الوصول إلى التطلعات والطموحات الكبيرة التي ينشدها الشباب.
الشباب وأدوات العولمة
لقد شهدنا في السنوات الأخيرة طفرات استثنائية في قدرة التكنولوجيا الحديثة على جعل المعلومات تتدفق بسرعة هائلة بما لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية ؛ حيث القنوات الفضائية وما تبثه من أفكار وثقافات للشعوب المختلفة ، كما أن شبكة الإنترنت العالمية جعلت الوصول للمعلومات والمعرفة لا يحتاج لأكثر من لمسة زر، وما يستتبع ذلك من الاطلاع على ثقافات ومعلومات وعادات وسلوكيات جديدة لم يعرفها شبابنا من قبل، إن هذا العصر -بحق-. هو عصر الإعلام والاتصال.
والكمبيوتر والإنترنت والقنوات الفضائية ما هي إلا أدوات للعولمة التي تبشر بها الحضارة المادية في القرن الواحد والعشرين. وجيل الشباب هو الأكثر تفاعلاً مع هذه الأدوات وتأثراً بها، ولا يستطيع أحد أن ينكر تأثيرها على الأجيال الشابة .
وبالفعل نحن نلاحظ تغيرات كثيرة يعيشها شبابنا بفعل التفاعل والتواصل مع أدوات العولمة وما تبثه من أفكار وقيم وعادات جديدة. هذا التحول الذي فرضه تطور التكنولوجيا عالية التقنية قد أثر في نظرة الشباب للمستقبل. وهو ما يجب أن يؤثر أيضا في تعاطي القادة وأهل العلم والفكر مع جيل الشباب؛ حيث يجب أخذ المتغيرات الجديدة في بلورة رؤية جديدة للتعامل مع الشباب. وإلا فسيكون الفشل حليف أية رؤية مرتكزة على فكر وأدوات الماضي، إذ لايمكن التعامل مع جيل الشباب إلا بأدوات الحاضر وبثقافة حية وفاعلة، وبرؤية دينية تؤصل لقضايا العصر، وتجيب على تساؤلاته.
نحو أفق جديد
ونظراً للمتغيرات التي أشرنا إليها لابد من العمل على إيجاد آفاق جديدة، واستراتيجية جديدة، قائمة على موازنة الثوابت والمتغيرات ، واستشراف آفاق المستقبل، وفتح الفرض أمام الشباب للعمل والعطاء والفاعلية؛ وإلا تحول الشباب إلى معاول هدم ضد أنفسهم ومجتمعاتهم.
إن الكثير من الأمور في مجتمعاتنا العربية بحاجة إلى تغيير وتطوير وتجديد؛ ومن تلك الأمور التي تحتاج إلى أفق جديد، ونظرة جديدة، ما يرتبط بقضايا التعليم والتربية فما زالت مناهج التعليم تنتمي لحقبة ما قبل عصر المعلومات والاتصال، وهي لم تعد صالحة -في جوانب منها على الأقل- حتى لسوق العمل مما يؤدي بالمتخرجين حديثاً من الجامعات للالتحاق بقطار البطالة.
وفيما يرتبط بقضايا الإعلام لازلنا نعاني من غياب قنوات فضائية ملتزمة ومؤثرة في عقول الشباب باستثناء بعض المبادرات التي لاتقارن بحجم التطور الهائل للقنوات الفضائية غير الملتزمة. وهو ما يلقي المسؤولية على أصحاب الأموال لتبني وتأسيس قنوات فضائية ملتزمة وموجهة للشباب.
وفيما يرتبط بالخطاب الديني الموجه للشباب لازال يعاني من ثغرات في المحتوى والصياغة فضلاً عن أن بعضه لازال يكرر مقولات الماضي وكأنه لا يعيش واقع المتغيرات المؤثرة في كل شيء من حياتنا.
وفيما يرتبط بمشكلات الشباب لازال الكثير منها من غير حل خصوصاً فيما يرتبط بفرص العمل والتوظيف، وما ينتج عن ذلك من مشاكل نفسية واجتماعية.
وتبقى قائمة ما يجب أن يعاد فيه النظر تحتوي على أشياء كثيرة... وهو ما يجب أن يؤسس -إذا ما أردنا أن نفتش عن حلول لمشاكل الشباب- لاستراتيجية جديدة قائمة على معرفة المتغيرات، وفهم سيكولوجية الشباب، والعمل بسرعة نحو استثمار طاقات الشباب وإمكانياتهم، وتوسيع دورهم في صناعة المستقبل، وفتح المجال لهم للمشاركة في اتخاذ القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي وإلا تحول الشباب إلى جيل متمرد ضد كل شيء!
اعملوا لمستقبلكم
أما مسؤولية الشباب تجاه أنفسهم فيتطلب من كل شاب أن يعمل بجد واجتهاد من أجل مستقبله ومستقبل أمته ، ويستلزم ذلك تأهيل الذات علمياً وعملياً، واكتساب المهارات الجديدة ، والالتحاق بالتخصصات العلمية المتطورة ، وعدم التوقف عن كسب العلم والمعرفة، فلا مكان اليوم لمن ليس لديه مؤهلات علمية راقية.
كما أن من المهم لكل شاب أن يفهم الحاضر ، ويستوعب آفاق المستقبل، ويعمل من أجل ذلك المستقبل؛ وإلا فان مستقبله لن يكون مضموناً.
ومشكلة بعض الشباب أنهم لا يفكرون إلا في اللحظة الراهنة، ولا ينظرون إلى المستقبل وتداعياته، إلا عندما برون أنهم غير قادرين على تحقيق أهدافهم وتطلعاتهم.
إن من يريد أن يحقق أهدافه عليه العمل من الآن للمستقبل، وإلا فإنه سيكون خارج ذلك المستقبل... وعندئذ لن ينفعه الندم1!
- 1. نقلا عن الموقع الرسمي الشيخ عبدالله اليوسف(حفظه الله) - 12 / 11 / 2010م - 7:57 م.