الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

استلهام الدورس من سيرة الرسول الأعظم

النقطة الأساسيّة أنّ اتخاذ العيد [في يوم ولادة الرّسول] ليس من أجل الاحتفال وتخليد الذكرى فقط وأمثال هذه الأمور، إنما من أجل استلهام الدّروس وجعل النبي الأكرم (ص) قدوة. نحن بحاجة إلى هذا الأمر، والبشرية بحاجة إلى هذا الأمر اليوم، والأمة الإسلامية بحاجة إلى هذا الأمر اليوم. علينا أن ننهل الدروس. لذلك إن إحياء الذكرى لولادة الرسول الأعظم (ص) لكي نعمل بمضمون هذه الآية الشريفة التي تقول:  ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ 1.

النبي الأكرم (ص) أسوة حسنة. القرآن يقول هذا بصراحة.

ماذا يعني أسوة؟ أي هو قدوة، ويجب أن نتّبع هذه القدوة. لقد استقر في قمةٍ، وعلينا التقدم والسير من هذا الحضيض نحو تلك القمة. يجب أن يتحرك الإنسان نحو تلك القمة بقدر ما يستطيع. هذا ما تعنيه "أسوة".

حسناً، الآن عندما نريد أن نقتدي بهذه القدوة والأسوة، إن الدروس الموجودة ليست مجرد درس أو اثنين، فهناك مئات الدروس. هناك مئات الدروس الأساسية والمهمة في الحياة الشخصيّة للنبيّ (ص)، وفي حياته العائليّة وحكومته وشخصيّته الاجتماعيّة مع أصحابه وأعدائه والمؤمنين والكافرين. أحد الدّروس الذي أودّ أن أطرحه اليوم هو مضمون هذه الآية الشريفة، إذ قال - عزّ وجل -:  ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ 2، وأنا أودّ التركيز على قضيّة «عزيزٌ عليه ما عنتّم» هذه. [يقول الله المتعالي]: معاناتكم بالنسبة إليه مؤلمة وصعبة. حين تعانون، يتألّم النبي (ص) لمعاناتكم. لا شكّ في أنّ هذا الأمر ليس خاصّاً بالمسلمين المعاصرين رسولَ الله (ص)، بل إنّ الخطاب للمؤمنين كافّة على مرّ التاريخ. أي إنْ كنتم تعانون في فلسطين وميانمار، وكان المسلمون يعانون في سائر الأماكن، فليعلموا أنّ هذه المعاناة تؤلم الروح المطهّرة للنبيّ (ص) وتجلب العناء إليها. هذا أمرٌ في غاية الأهميّة. هكذا هو نبيّنا. وحالة النبي الأكرم (ص) هذه التي جرى الحديث عنها في هذه الآية الشريفة هي النقطة المقابلة لحال الأعداء وقد تمّت الإشارة إليها في هذه الآية الشريفة أيضاً:  ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ ... 3. هناك يُذكَر للنبيّ الأكرم (ص): "عزيزٌ عليه ما عنتّم"، وهنا [للأعداء]: ﴿ ... وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ ... 3، [أي] تُفرحهم معاناتكم. نحن هكذا الآن، فالتفتوا لكي تعرفوا وضعنا في هذا العالم.

من ناحية هناك الوجود المقدّس الذي هو "عزيزٌ عليه ما عَنِتّم"، ومن ناحية أخرى أيضاً هناك جبهةٌ هي ﴿ ... وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ ... 3؛ إنهم يفرحون لمعاناتكم ويُسرّون لتعاستكم ويشعرون بالسعادة. طبعاً، حين تكون حال تلك الجبهة كذلك، يحاولون سوقكم ودفعكم نحو المعاناة والتعاسة. لا بدّ لنا من فهم هذه الوضعية والتعرّف والالتفات إليها.

4 5.