الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

وضع البلاد الاسلامية المؤسف و واجب المسلمين

ان الجيمع يعلم بالوضع المؤسف الذى تعانى منه البلاد الاسلامية، فالاُمةُ الاسلاميةُ الكبرى و الواحدة تمزّقت، و تحولّت الى بلادٍ و دويلاتٍ صغيرةٍ و ضعيفةٍ.

و فى كل بلد من هذه البلاد طواغيت من الذين باعوا أنفسهم للاجانب، و هم لا يعتقدون بالاسلام، يحكمون الناس.

لقد تركوا الأحكام و القوانين و المناهج الاسلامية الحيوية، و هم يحكمون الناس بالقوانين و المناهج الطاغوتية، المخالفة للاسلام و المستوردة من طواغيت الشرق او الغرب، و هم الى جانب ذلك يصفون أنفسهم بالاسلام، و بانهم خدّام الشعوب، و هم ليسوا الاّ عملاء مُرتَزقة لأوامرهم و توجيهاتهم، و فى الحقيقة يحكم أعداء الاسلام بلاد المسلمين من خلال هؤلاء المرتزقة العملاء.

لقد سيطر أعداء الاسلام بواسطة هؤلاء العملاء الذين باعوا انفسهم، على جميع ثروات المسلمين و سيطروا على ثقافتهم، و اقتصادهم، و صناعتهم، و تجارتهم، و زراعتهم، و شؤونهم العسكرية، بل و كل شى‏ء، و خطَّطوا لهم البرامج، و الخُططَ، و قرّروا لهم و تدخلوا حتى فى شؤونهم الدينية، و هم يعملون ضمن تخطيط دقيق و مؤامرة خطيرة جداً على محو الاسلام و ابادته، و لا يعلم أحَدٌ ـ الاّ الله ـ ما ذا سيكونُ مصيرُ الاسلام و المسلمين فى السنوات المأة القادمة؟

لقد فرّقوا بين البلاد الاسلامية و ألقَوا بينها البغضاء، و زرعوا سوء الظن، بينما تودَّدوا الى بعضها، و تظاهروا بالنصح و الاخلاص لها.

انكم أيها الاخوة تشاهدون جميعاً هذه الحالة المؤسفة و هذا الوضع المأساوىّ للعالم الاسلامى بل و تعانون منه أشد المعاناة، و تنشدون حلولاً جدّية لها.

و السؤالُ المطروحُ هنا هو: لما ذا فقدنا مجدنا التليد و عظمتنا القديمة، و قدرتنا العريقة، و لما ذا آل أمرنا الى هذه النقطة المؤسفة؟ و من هو المسؤول عن هذا الوضع المؤلم؟

فى نظرى ان الجواب على هذا السؤال واضحٌ و بيّنٌ، فنحن أنفسنا مسؤولون عن هذا الوضع. لقد كان علينا أن ندافع عن الاسلام فلم نفعل.

كان علينا أن نأمر بالمعروف و ننهى عن المنكر فلم نفعلّ.

كان علينا أن نقارع الطواغيت الغاصبين للحكومة الاسلامية فلم نقارع.

كان علينا أن نقيم الدين و نعمل على الحفاظ على الحكومة الاسلامية النبوية فلم نفعل.

كان علينا أن نهيّى‏ء المقدمات اللازمة لتنفيذ الأحكام الآلهية تنفيذاً كاملاً فلم نهيّى.

كان علينا أن ندافع عن المحرومين و المستضعفين فلم ندافع.

كان علينا أن نجاهد الظالمين و المستكبرين فلم نجاهد.

و باختصار؛ كان علينا أن نعرف حقيقة الاسلام، و نكون مسلمين واقعيّين فلم نفعل.

و حيث أننا تركنا الاسلام سيطر علينا الطواغيت و الظالمون.

و حيث أنّنا رجّحنا الحياة الذليلة الرخيصة على الجهاد و الشهادة، و الحرّية تسلّط علينا أعداء الاسلام.

و ان ألفت نظركم الى نماذج من الأحاديث فى هذا المجال:

قال أبو هريرة: سمعت رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله يقول لثوبان: كيف بك يا ثوبان اذا تداعت عليكم الاُمم كتداعيكم على قصعة الطعام تصيبون منه؟

قال ثوبان: بأبى أنت و اُمّى يا رسول الله مِن قلّهٍ بنا؟

قال: لا، أنتم يومئذ كثيرٌ، لكن يلقى فى قلوبكم الوهن.

قالوا: و ما الوَهنُ يا رسول الله؟

قال: حبكم للدنيا، و كراهيتكم القتال1.

و قال معاذبن جبل قال رسول الله صلى ‏الله‏ عليه ‏و‏آله: «أنتم على بيّنة من ربكم ما لم تظهر فيكم سكرتان: سكرة الجهل، و سكرة حب العيش و انتم تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر و تجاهدون فى سبيل الله، فاذا ظهر فيكم حبّ الدنيا فلا تأمرون بالمعروف و لا تنهون عن المنكر و لا تجاهدون فى سبيل الله، القائلون يومئذ بالكتاب و السنة كالسابقين الأولين من المهاجرين و الانصار»2.

و عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى ‏الله‏ عليه ‏و‏آله: «لتأمرنّ بالمعروف و لتنهنّ عن المنكر أو ليسلَّطنَّ عليكم شراركم ثمّ يدعو خياركم فلا يستجاب لهم»3.

معاذبن جبل عن رسول الله صلى ‏الله‏ عليه ‏و‏آله انه قال: «ألا انه سيكون عليكم امراء يقضون لانفسهم ما لا يقضون لكم، فاذا عصيتموهم قتلواكم، و ان اطعمتوهم اضلوكم.

قالوا: يارسول الله كيف نصنع؟

قال كما صنع أصحاب عيسى بن مريم نشروا بالمناشير، وحملوا على الخشب موت فى طاعة الله خير من حياة فى معصية الله4.

عن أبى سلامة: ان النبى صلى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله قال: «سيكون عليكم أئمة يملكون ارزاقكم، يحدثونكم فيكذبون، و يعملون و يسيئون العمل، لا يرضون منكم حتى تحسّنوا قبيحهم، و تصدّقوا كذبهم فاعطوهم الحق  ما رضوا به، فاذا تجاوزوا فمن قتل على ذلك فهو شهيد»4.

ابو سعيد الخدرى قال قال رسول الله صلى ‏الله ‏عليه‏ و‏آله: «افضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر»5.

ابن عمر عن النبى انه قال: «على المرء السمع و الطاعة فيما احب وكره، الا ان يؤمر بمعصية فان اُمِر بمعصية  فلا سمع و لا طاعة»6

قال النبى صلى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله: «لا تزال امتى بخيرٍ ما امروا بالمعروف و نهوا عن المنكر، و تعاونوا على البر فاذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات، و سلط بعضهم على بعض و لم يكن لهم ناصرٌ فى الارض و لا فى السماء»7.

قال النبىُ صلى ‏الله‏ عليه ‏و‏آله: «ان الله يبغض المؤمن الضعيف الذى لا دين له.

فقيل: و ما المؤمن الضعيف الذى لا دين له؟

قال: الذى لا ينهى عن المنكر8.

قال اميرالمؤمنين عليه‏السلام «اذا حضرت بليةٌ فاجعلوا اموالكم دون انفسكم، و اذا نزلت نازلة فاجعلوا انفسكم دون دينكم و اعلموا أن الهالك من هلك دينه الا و انّه  لا فقر بعد الجنة، الا و انه لا غنى بعد النار، لا يُفك اسيرها و لا يبرأ ضريرها»9.

قال رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله: «من أرضى سلطاناً جائراً بسخط الله خرج عن دين الله»10.

ان هذه الأحاديث ـ كما تلاحظون ـ كما تعكس دائنا، تبين علاجها ايضاً.

ان داءنا يكمن فى أننا ضَيّعنا القيم الاسلاميّة الاصيلة، كالجهاد و الدفاع عن الاسلام و القرآن، و اقامة الدين و الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر و مقارعة الظالمين و الطغاة.

و أما علاج هذه الأدواء و المشاكل فيكمن فى العودة الى قيم الاسلام الاصيلة، و احياء الحكومة المحمدية. و انّ من الطبيعى و البديهى أن هذا العمل لا يكون سهلاً، و هيناً، و خالياً من الاخطار، انه و لا ريب يقترن بالسجن و التعذيب و النفى و الحرمان و الشهادة، الا أنه لا سبيل أمام المسلمين غير هذا، و هذه مسؤوليةٌ ملقاة على عاتق المسلمين، و شأن مطلوب منهم11.

 

  • 1. مجمع الزوائد، المجلد7، ص287.
  • 2. مجمع الزوائد، المجد7ز ص270.
  • 3. مجمع الزوائد، المجلد7، ص266.
  • 4. a. b. مجمع الزوائد، المجلد5، ص228.
  • 5. سنن ابن ماجد، المجلد2، ص1329.
  • 6. صحيح مسلم، المجلد3، ص1469.
  • 7. الوسائل، المجلد11، ص398.
  • 8. الوسائل، المجلد11، ص397.
  • 9. الوسائل، المجلد11، ص451.
  • 10. وسائل الشيعه، ج11، ص421.
  • 11. مقتبس من مقالة: "مسؤولية المسلمين تجاه الاسلام و القران" لسماحة آية الله ابراهيم الأميني رحمه الله.