أخرج البخاري في صحيحه الجزء الخامس ( ص 82 ) في كتاب المغازي باب غزوة خيبر قال : عن عروة عن عائشة أن فاطمة بنت النبي ( صلى الله عليه و آله و سلم ) أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من أبيها مما أفاء عليه بالمدينة و فدك و ما بقي من خمس خيبر ...
﴿ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ * لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ * فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ * أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ﴾ 1 . ما هي العلاقة المثلى بين الدنيا والآخرة ؟ وكيف يجب على الإنسان المؤمن أن يجعل إيمانه بالآخرة متصلاً بحركته بالدنيا ، وحركته بالدنيا مرتبطة بإيمانه بالآخرة ؟ إن الناس حيال هذا الأمر على عدة أقسام ؛ ففريق منهم يفصل بين الأمرين ؛ بين حياته في الدنيا وحقيقة الآخرة ، فتراه ـ مثلاً ـ حينما يدخل المسجد يجد نفسه في روضة من رياض الجنة وفي رحاب الآخرة ، فهو يتعبد ويذكر اللَّه كثيراً ويلجأ إلى اللَّه ليخلصه من عذاب نار جهنم ، إلا أنه سرعان ما تتغير سلوكياته وتوجهاته القلبية بخروجه من المسجد وهو يذهب إلى خضم الحياة . . إلى السوق . . المعمل . . المدرسة . . ، فيتحول ـ نعوذ باللَّه ـ إلى إنسان ماكر وكائد ، يلهث وراء زخرف الحياة الدنيا ، ناسياً حينها أحكام الشريعة وقيم السماء السامية . . إنه يدخل إلى الحياة الدنيا دون أن يلزمنفسه برادع أو كابح .
لقد مات من غبر من الناس ، وسيفنى الموجود منهم ، وسيلحق بالقافلة من سيوجد بعد ، نعم وستطوى هذي الحياة وتنطمس معالمها وتعفى آثارها ، فهل هذه هي النهاية الأخيرة ؟ إذن فأين جلبة تلك الأحكام ؟ وأين قعقعة تلك الحجج ؟ . الأحكام التي وضعها الشرع والحجج التي أقامها العقل وعضدتها الفطرة . . إن الله حكيم . . . ولا حد لحكمته . وإن الله عدل . . . ولا منتهى لعدله . وان الله غني . . ولا منقطع لغناه . ولا مراء في ذلك كله . والله هو مشرّع الدين لهذا الإنسان . وفروض الدين إنما هي أوامره ، ومحرمات الدين إنما هي منهياته، وحدود الدين إنما هي حرماته . ولا ريب في شيء من ذلك كله أيضاً . فلو قدرنا أن الموت هو النهاية . هو النهاية الكبرى ، التي ليست ورائها منقلب وليس بعدها مصير لخوى تشريع الله من الحكمة ولحاف عدل الله في الجزاء أو قصرت ملكته عن الوفاء .
معنى الإسلام في اللغة الانقياد و الاستسلام ، أما الشرع فقد استعمله في معان شتى ، منها المسلم الأخلاقي السلبي الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه و آله و سلم بقوله : « المسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده » . فان في غير المسلمين من يكف أذاه عن الناس أجمعين ، لا عن المسلمين فقط ، و قد سمعنا ، و قرأنا عن أفراد من الهندوس بلغوا الغاية في المسالمة ، حتى لمن اعتدى عليهم . . و مهما يكن ، فان المسلم الكامل في خلقه هو من أدى حقوق الناس إلى جانب قيامه بحقوق الله جل و عز .
دعونا يا أدعياء . . دعوا الإسلام يضمد جراحه ، و يؤلّف شتاته . . دعوا المسلمين يُجمعوا أمرهم ، و يوحّدوا كلمتهم ، و يثبّتوا أقدامهم . . دعونا يا أدعياء . . دعوا دين الله يأسُ جراحه التي تركتها المناحرات الشديدة بين أبنائه ، و الغارات اللئيمة من أعدائه . دعوا الغيارى من أنصار الله ، و حملة الحقُّ ، تنبه الراقدين ، و تدعو الشاردين ، فقد هدّد الحق ، و أنذرت الكرامة ، و اقتحمت الحدود ، ولم يبق مساغ للغفلة ، ولم يبق مجال للإبطاء . دعوا أنصار الله الغيارى تجمع أوصال الأمةِ المتفرقة ، و تؤلفّ قواها المبعثرة ، و تسمعها ـ من جديد قولة الله ( تعالى ) في كتابه العزيز :
البشرية اليوم أشبه ما تكون بجسم عملاق رُكّب عليه رأس صغير ! إنك لو رأيت رجلاً ضخماً ؛ صدره عريض ويداهطويلتان ورجلاه أطول ، ولكن رأسه رأس طفل صغير ، فلا شك أنك ستقول بأن خللاً كبيراً حاكم على خلقته منذ الولادة . إننا اليوم نملك قدرات هائلة ، حتى استطاع الإنسان أن يفلق الذرة ويتحكم بالجنين ويهندس الوراثة ويجوب الفضاء ، وأصبحت الأرض التي كانت في يوم من الأيام عالماً مغلقاً أمام البشر ؛ أصبحت تمسح بالأقمار الصناعية مسحا ًجيولوجياً ليكتشف ما في أعماقها من معادن وآثار وأحواض مائية ونفطية وتيارات هوائية عالية التأثير قد تتسببفي وقوع الزلازل والبراكين . . وإنسان اليوم يستطيع التحكم حتى بالنباتات ، حيث أخذ هذا التحكم وما يقف وراءهمن تقنية علمية بتوفير مواد غذائية جديدة ، واستطاع العلماء تحسين نطف الحيوانات ، فركّبوا بعضها على بعض . . . وهاهو العلم الحاضر يسعى إلى زرع خلايا الدماغ ، ويتجه إلى صنع أعضاء احتياطية حية لجسم الإنسان عبر الاستعانة بتحسين جينات الحيوانات الذكية .
توجد ثلاث طرق لمعرفة الله تعالى والمعرفة الإنسانية عموماً :
1 ـ طريق الكشف الذاتي : فإن خاصة أولياء الله تعالى يعرفونه به : ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ .
وفي دعاء أمير المؤمنين عليه السلام : (يا من دلَّ على ذاته بذاته).
وفي دعاء الإمام الحسين عليه السلام : (متى غبتَ حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك ، ومتى بَعُدْتَ حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك ؟! عَمِيَتْ عينٌ لا تراك عليها رقيباً).
وفي دعاء الإمام زين العابدين عليه السلام : (بك عرفتُك وأنت دللتني عليك ودعوتني اليك ، ولولا أنت لم أدر ما أنت ).
من القواسم المشتركة الأخرى بين روايات ( الخلفاء الإثنى عشر ) ، و التي تقترب بنا نحو تشخيص هؤلاء الخلفاء ، و تحديد هويتهم ، الأحاديث التي وردت بنفس المضمون ، و نصَّت على أنَّ كلاً من الحسن و الحسين ( عَلَيهما السَّلامُ ) من ضمن هؤلاء ( الخلفاء الإثنى عشر ) . فتارة يرد الخطاب من قبل رسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ و آله و سلم ) موجَّهاً للحسين بن علي ( عَليهِ السَّلامُ ) بأنَّه سيِّد ، و إمام ، و حجَّة ، و أنَّ بقية الخلفاء التسعة هم من ولده و ذريته ( عَليهِ السَّلامُ ) . و تارة يرد الخطاب بخصوص الحسن و الحسين ( عَلَيهما السَّلامُ ) بأنَّهما مع تسعة خلفاء معصومين يشكلون بمجموعهم ( الخلفاء الإثنى عشر ) المقصودين بالحديث المذكور . و قد ترد الإشارة إلى الحسن بن علي ( عَليهِ السَّلامُ ) ضمن الخطاب الموجه للحسين بن علي ( عَليهِ السَّلامُ ) ، و ذلك بالنصّ على كون الحسين ( عَليهِ السَّلامُ ) أخا سيّد ، و أخا إمام ، و أخا حجَّة ، و ما تبقى من الخلفاء متمّمون لعدد ( الخلفاء الإثنى عشر ) .
يلاحظ القارئ لحديث ( الخلفاء الإثني عشر ) عند اطلالته الأولية عليه أنَّ الدائرة التي تشمل هؤلاء الخلفاء قد تبدو واسعةً إلى حدٍ ما ، و لكن ، و من خلال النظر في القواسم المشتركة بين هياكل الحديث اللفظية المتنوعة التي أشرنا إليها سابقاً ، و من خلال الإطّلاع على القيود و المخصّصات الإضافية التي وردت على لسان طائفة معتدّ بها بنفس هذا المضمون . . من خلا هذا نستطيع وفقاَ للسير العلمي الإنتقال من تلك الدائرة الواسعة إلى دائرة أضيق ، و نقف على المقصود الواقعي من الحديث ، و تحديد هوية الأشخاص الذين أشار إليهم رسول الله ( صَلّى اللهُ عليهِ و آلِهِ و سَلَّمَ ) من خلاله . و من المفردات الأخرى التي تتجه بالحديث نحو هذا المسار من التحديد و التخصيص النصوص التي دلّت على أنَّ أول ( الخلفاء الإثنى عشر ) المقصودين بهذا الحديث هو علي بن أبي طالب ( عَليهِ السَّلامُ ) .
الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على سيّدنا محمّد و آله الطيبين و الطاهرين ، و لعنة الله على أعدائهم أجمعين من الأولين و الآخرين . يقول الله سبحانه و تعالى : ﴿ ... أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ 1 . الحق في اللغة بمعنى الثبوت ، ﴿ ... أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ ... ﴾ 1 أي : أفمن يهدي إلى الأمور الثابتة القطعية اليقينية ، هذا الذي يهدي إلى الواقع ، ﴿ ... أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ ... ﴾ 1 أم الذي لا يهتدي ﴿ ... إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ 1 .
للفرقة الوهابية أصل معلن و أصل خفي . . أما الأصل المعلن ، فهو: إخلاص التوحيد للّه، و محاربة الشرك و الأوثان. و لكن ليس لهذا الأصل ما يصدقه من واقع الحركة الوهابية كما سترى. و أما الأصل الخفي، فهو: تمزيق المسلمين و إثارة الفتن و الحروب فيما بينهم خدمة للمستعمر الغربي. و هذا هو المحور الذي دارت حوله جهود الوهابية منذ نشأتها و حتى اليوم .. فهو الأصل الحقيقي الذي سخر له الأصل المعلن من اجل إغواء البسطاء و عوام الناس.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد منقذ البشرية حبيب إله العالمين و على آله سفن النجاة و أئمة الهدى . قال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ... ﴾ 1 .
إنّ الحديث المتواتر بين الفريقين عن النبيّ ( صلى الله عليه و آله و سلم ) : " إنّ أُمّتي ستفترق بعدي على ثلاث و سبعين فرقة ، فرقة منها ناجية و اثنتان و سبعون في النار " 1 يلزم الباحث المسلم الطالب للنجاة الأُخروية الفحص عن خصوص تلك الفرقة الناجية ، و التمسّك بها دون بقية فرق المسلمين ; لأنّ مؤدّى الحديث النبوي أنّ الاختلاف الواقع ليس في دائرة الظنون و الاجتهاد المشروع ، بل هو في دائرة الأُصول و الأركان من الأُمور القطعية و اليقينية ، أي ممّا قام الدليل القطعي و اليقيني عليها ، و إن لم تكن ضرورية في زمن أو أزمان معيّنة نتيجة التشويش أو التعتيم الذي تقوم به الفرق الأُخرى .
1 ـ الحرية الدينية : كما أن حياة الإنسان لا تستقيم بدون حرية ، فإن حياته أيضاً لا تستقيم بدون تدين ، لأن التدين حاجة أساسية ضرورية للإنسان ، تشعره بوجود خالقه و رقابته له و حقه عليه ، و امتلاكه للثواب و العقاب ، و أنه الملاذ الأخير له حيث لا ملاذ . و هذا يساهم باستقراره النفسي و الروحي ، و يخلق عنده رقابة ذاتية على سلوكه تساعده على البقاء دائماً ضمن دائرة الصواب و الحق ، و تشعره بالخطأ و تأنيب الضمير كلما خرج من هذه الدائرة ، و الحنين بالعودة إليها . و لا يخفى ما لهذه الرقابة الذاتية من آثار على إصلاح الإنسان و الأسرة البشرية برمتها و على عمارة الأرض و شيوع الحق و الصواب ، و تضييق دائرة الشر و الإنحراف .
مما يرتبط بمسألتنا هذه ارتباطاً وثيقاً مسألة البداء . و هي مما اشتهرت و عُرفت بها الامامية من فرق الشيعة ، فلهذا ، و لأنها وقعت موقع سوء الفهم عند غير الإمامية ، فذهبوا إلى أن الاعتقاد بها يستلزم نسبة الجهل إلى اللّه تعالى ، رأيت أن أعّرفها و بشيء ـ و لو قليل ـ من التفصيل توضيحاً للعقيدة و دفعاً للشبهة .
زعم ( تسدال ) أنّ قصّة مريم و ابنها المسيح ( عليهما السَّلام ) لم ترد في كتب النصرانية المعتمدة , و اعتبرها خرافة وهمية , و حجّته في ذلك عدّة شبَةٍ في ذهنه :
بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على محمد و آله الطيبين الطاهرين يذكر الرواة و المؤرخون أرقاماً عالية للأموال التي كان يعطيها ، أو يبذلها الأئمة عليهم السلام للشعراء ، إذا ما قالوا فيهم ، أو في قضيتهم شيئاً من الشعر . . و من أمثلة ذلك . 1 ـ إنهم يقولون : إن الإمام زين العابدين عليه السلام ، عندما تجاهله هشام بن عبد الملك في الطواف ، و جرى بين هشام و بين الفرزدق من أجل ذلك ما جرى ، يقولون : إن الإمام ( عليه السلام ) قد أعطى الفرزدق ألف دينار ، أو إثنى عشر ألف درهم على اختلاف النقل ، على قوله الأبيات التي أولها : هذا الذي تعرف البطحاء وطـأتـه *** و البيت يـعـرفـه و الحل و الحرم فرفض الفرزدق قبولها ، لأنه إنما قال ذلك غضباً لله و لرسوله ، لكنه عليه السلام أصر عليه بالقبول ، فقبلها . . و القضية أشهر من أن تذكر . . 2 ـ و عندما أنشد الكميت للباقر عليه السلام قصيدته : " من لقلب متيم مستهام . . " قال له : يا كميت ، هذه مئة ألف جمعتها لك من أهل بيتي .