أعلمني صديقي ذات ليلة بأننا سنسافر غدا إن شاء الله إلى النجف ، و سألته و ما النجف ؟ قال : إنها مدينة علمية فيه مرقد الإمام علي بن أبي طالب ، فتعجبت كيف يكون للإمام علي قبر معروف. لان شيوخنا يقولون أنه لا وجود لقبر معروف لسيدنا علي ، و سافرنا في سيارة عمومية حتى وصلنا إلى الكوفة و هناك نزلنا لزيارة جامع الكوفة و هو من الآثار الإسلامية الخالدة.
بقيت في بيت صديقي ثلاثة أيام استرحت خلالها و فكرت مَليَّاً في ما سمعته من هؤلاء الذين اكتشفتهم و كأنهم كانوا يعيشون على سطح القمر ، فلماذا لم يحدثنا أحد عنهم إلا بما هو مُزرٍ و مُشين ، لماذا أنا أكرههم و أحقد عليهم دون أن أعرفهم ، لعل ذلك ناتج من الإشاعات التي نسمعها عنهم من أنهم يعبدون عليا و أنهم ينزلون أئمتهم منزلة الآلهة و أنهم يقولون بالحلول ، و أنهم يسجدون للحجر من دون الله ، و أنهم - كما حدثنا أبي بعد رجوعه من الحج - يأتون إلى قبر الرسول ليلقون فيه القذرات و النجاسات و قد أمسكهم السعوديون و حكموا عليهم بالإعدام.
ولد الشيخ الطوسي أبو جعفر محمد بن الحسن سنة 385ه. في جوار مرقد الإمام الرضا عليه السلام في طوس التي كانت تعتبر في ذلك الزمان مركز علوم أهل البيت عليه السلام. وجامعة كبرى للمعارف الإسلامية. وجاذبة عشاق الإمام الثامن عليه السلام إليها من القريب والبعيد.
سافرنا من دمشق إلى بغداد في إحدى سيارات شركة النجف العالمية الضخمة المكيفة و كانت الحرارة تبلغ أربعين درجة مئوية في بغداد ، عندما وصلنا اتجهنا فورا إلى بيته في حي جميلة ، دخلت البيت المكيف و استرحت ثم جاءني بقميص فضفاض يسمونه " دشداشة ". أحضر الفاكهة و الأكل و دخل أهله يسلمون عليّ في أدب و إحترام و كان والده يعانقني و كأنه يعرفني من قبل.
ربما يعتبر الكثير إن معنى الزهد هو التقشف ومعاناة شطف العيش وليس معنى الزهد أن لا يملك شيئا، بل الزهد أن لا يملكه شئ، أن القرآن الكريم حصر الزهد بكلمتين فقط لا ثالث لهما، قوله تعالى :﴿ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ... ﴾1.
الأمور التي قام بها إبراهيم (ع) إلى أن وصل إلى مرتبة الخلة هي: أولا: جاء ربه بقلب سليم. ثانيا: المجاهدة العظمى التي قام بها، وهي نية قتل ولده إسماعيل ذبحا بيده، بأمر الله تعالى. ثالثا: الصدقة الجارية، والعمل المستمر، وهو بناء الكعبة.
فهمت من لهجته أنه غير مصري ، و دفعني فضولي كعادتي إلى أن أتعرف عليه فعرفته نفسي و عرفت أنه عراقي و هو أستاذ في جامعة بغداد اسمه منعم ، و قد جاء إلى القاهرة لتقديم أطروحة الدكتوراه في الأزهر. و بدأنا الحديث عن مصر و عن العالم العربي و الإسلامي و عن هزيمة العرب و انتصار اليهود و الحديث ذو شجون ، قلت في معرض كلامي أن سبب الهزيمة هو انقسام العرب و المسلمين إلى دويلات و إلى طوائف و مذاهب متعددة ، و رغم كثرة عددهم فلا وزن لهم و لا اعتبار في نظر أعدائهم.
أمضيت عشرين يوما بالقاهرة زرت خلالها الموسيقار فريد الأطرش في عمارته على النيل فقد كنت معجبا به لما قرأت عن أخلاقه و تواضعه في مجلات مصرية تباع عندنا في تونس ، و لم يكن حظي منه سوى عشرين دقيقة لأنه كان خارجا للمطار ليسافر إلى لبنان ، و زرت الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد المجود الشهير و كنت معجبا به أشد الإعجاب ، بقيت معه ثلاثة أيام.
يروى أن محمد بن أبي بكر من المحامدة الأربعة الذين يأبون أن يعصى الله عز وجل ، وهم محمد بن أبي بكر ، ومحمد بن علي بن أبي طالب ، المعروف بابن الحنفية ، ومحمد بن أبي حذيفة ، ومحمد بن جعفر بن أبي طالب الطيار .
كان عمري ثمانية عشر عاما عندما وافقت الجمعية القومية للكشافة التونسية على انتدابي للمشاركة في المؤتمر الأول للكشافة العربية و الإسلامية الذي أقيم في مكة المكرمة ضمن مجموعة تتكون من ستة أشخاص من كامل الجمهورية التونسية ، و وجدت نفسي أصغر أعضاء البعثة سناً و أقلهم ثقافة إذ كان اثنان منهما من مدراء المدارس و الثالث أستاذا بالعاصمة و الرابع يعمل في الصحافة و الخامس لم أعرف وظيفته غير أني علمت أنه أحد أقرباء وزير التربية القومية في ذلك العهد.
أن اسم التيجاني الذي سمتني به والدتي له ميزة خاصة لدى عائلة السماوي كلها التي اعتنقت الطريقة التيجانية و تبنَّتها منذ أن زار أحد أبناء الشيخ سيدي أحمد التيجاني مدينة قفصة قادما من الجزائر و نزل في دار السماوي فاعتنق كثير من أهالي المدينة خصوصا العائلات العلمية و الثرية هذه الطريقة الصوفية و روجوا لها ، و من أجل إسمي أصبحت محبوبا في دار السماوي التي يسكنها أكثر من عشرين عائلة و كذلك خارجها ممن لهم صلة بالطريقة التيجانية.
وأما عمره الشريف فقد تضاربت الآراء وتباعدت الأقوال فيه فقد قال : السيد المرتضى في الشافي : روى أصحاب الأخبار أن سلمان عاش ثلاثمائة وخمسين سنة ، وقال بعضهم : بل عاش أكثر من أربعمائة سنة أدرك [ وصي ] عيسى ( عليه السلام ) .
لقد دأب معاوية من خلال تسلطه على الحكم أن يمارس شتى أساليب التعسف والإبادة لشيعة علي ( عليه السلام ) وملاحقتهم بالقتل وقطع الأيدي والأرجل وسمل العيون ، وبقر البطون ، وصلب الأجساد العارية على جذوع النخل ، والتشريد ، وحرق البيوت وهدمها على أصحابها وما إلى ذلك من أنواع سبل الإبادة والاستئصال لشيعة علي ( عليه السلام ) ومواليه كما دأب على إجرامه ، وحاك على منواله ، حكام بني أمية ، وبني مروان وبني العباس .
تعرض سلمان المحمدي لمحاولات تحقير وامتهان من قبل البعض فانتصر له النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأدان المنطق الجاهلي والتعصب القبلي بصورة صريحة ، وحصل ذلك التعرض عدة مرات وفي عدة مناسبات وعلى مرأى ومسمع من النبي ( صلى الله عليه وآله ) خاصة ، منهم سعد بن أبي وقاص ، وعمر بن الخطاب وغيرهما .
إنه يؤخذ على أبي طالب «عليه السلام» شيء واحد ، هو من أكبر الذنوب ، وأعظم السيِّئات والعيوب ، التي يستحق من يتلبس بها ـ شاء أم أبى ـ الحساب العسير ، ولا بد أن يحرم لأجلها من كل امتياز ، ويسلب منه كل وسام .
كانت المؤاخاة بين المسلمين في السنة الأولى من الهجرة ، و سلمان الفارسي أسلم في السنة الأولى ، ولم يتحرر إلا في السنة الرابعة أو الخامسة ، ولم نعلم على التحقيق نصيبه من هذه المؤاخاة ومن كان أخاه ؟ وروى صاحب الطبقات عن حميد بن هلال أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) آخى بين سلمان وأبي الدرداء .
بعد إسلامه سماه رسول الله " سلمان " لم يحضر بدرا ولا أحدا لرقه ، وقد أعتق وتحرر في السنة الرابعة ، وفي رواية في بداية السنة الخامسة للهجرة ، واشترك في واقعة الأحزاب ، وهو الذي أشار على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بحفر الخندق وقال : " كنا بفارس إذا حوصرنا خندقنا " وكانت إشارة موفقة ، سارع رسول الله بتنفيذها.
هو مالك الأشتر النخعي أو مالك بن الحارث النخعي الساعد الأيمن للإمام علي (عليه السلام) وسيفه البتار. خاض مع الإمام معاركة التي خاضها في مواجهة أهل القبلة من الصحابة والخوارج وأهل الشام. و كانت له مكانة خاصة عند الإمام الذي كان يعتبره من أتباعه المخلصين الذين يوالونه بقلوبهم وسيوفهم.
هذه هي قصة السيد جمال الدين الأفغاني ذلك الرجل العظيم، الذي تفتخر به شعوب مختلفة بأنه ينتمي اليها، وهو فعلا ينتمي اليها جميعا، لانه لم يعمل لفئة دون اخرى، ولا لوطن دون آخر، ولا من اجل اقليم دون غيره.