بناءً على الأسس التي سبق ذكرها (في الاسس النظرية للتعليم والتربية في الاسلام)، يمكن استخلاص عدد من النتائج العامة في مجال كيفية التعليم والتربية، سميّناها بـ«الاصول العملية للتعليم والتربية»، وهي كالآتي:
يُبنى كل نظام تعليمي وتربوي على أساس رؤية ونظرة مؤسّسيه إلى حقيقة الانسان وأبعاده الوجودية، وأيضاً وفقاً للهدف أو للأهداف التي يبتغون تحقيقها من وراء التعليم والتربية، وكذلك انطلاقاً مما لديهم من اعتقاد في كيفيّة تطوّر الانسان وحركته صوب الهدف المنشود. والحقيقة ان هذه الرؤى والنظرات هي التي تؤلّف أسس وأصول التعليم والتربية في كل نظام وإن كانت لا تحظى بالاهتمام عن وعي أو لا يُصَرَّح بها.
ولا شكّ أنّ تربية الأولاد على هذه الطّريقة السويّة تُبعدهم عن التأثُّر بالأجواء الفاسدة وعن الإنجرار وراء الدّعوات الباطلة، ولذا ورد في الأحاديث ما يشيرإلى ضرورة المبادرة إلى التّربية الصّحيحة وعدم ترك الأبناء بحجة أنّهم ما زالوا صغاراً أو غير قادرين على فهم مثل هذه الأمور، لأنّ تركهم سيجعلهم لقمةً سائغةً بيد الآخرين من المنحرفين وغيرهم ممّن تاهوا وضلّوا في هذه الدنيا، ومن تلك الأحاديث: (بادروا أولادكم بالحديث قبل أن تسبقكم إليهم المرجئة).
والمُستحبّ أن يكون الختان في اليوم السابع من ولادة الصّبي كما في الرواية عن الإمام الصادق (عليه السلام): (إختنوا أولادكم لسبعة أيامٍ فإنّه أطهر وأسرع لنبات اللحم...)، وقد ورد أنّ من لم يختتن في صغره يستحبّ له أن يفعله ولو بعد البلوغ مهما وصل عمره، ففي الرواية عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنّه قال: (قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): "إذا أسلم الرجل اختتن ولو بلغ ثمانين سنة".
كما يكسب الطفل اللغة والعادات وأنماط الحياة من عائلته التي يتربى في أحضانها، كذلك يتشرّب معتقدها الديني، وينشأ على حب ذات الرموز والمقدسات التي تؤمن بها عائلته، ويلتزم مذهبها ومسلكها.
تحدث القرآن الكريم في آيات عديدة مؤكداً على حماية اموال اليتيم وحفظها وعدم التفريط فيها، وبأن الولاية على اموال اليتيم بعد الاب والجد، تكون للوصي المكلف بذلك من قبل احدهما، فإن لم يكن هناك وصي، فالولاية للحاكم الشرعي، وفي المذهب الحنفي فالولاية على اموال الصغير تكون للاب، ثم وصيه بعد موته، ثم وصي وصيه، ثم جده (ابو ابيه)، ثم وصي جده، ثم وصي وصيه، ثم الوالي، ثم القاضي او وصي القاضي.
ومن عظمة بر الوالدين التي أمر بها الاسلام العزيز، أنها لا تنتهي في مرحلة أو سنة... بل حتى بعد موتهما. وهذا دال على الرأفة والرحمة والحنان، هذه الصفات التي ينبغي أن تكون في كل مسلم تجاه أخيه.. فكيف إذا كانا أباً وأماً؟
و أن نبي الله عيسى ولد من غير أب. أما نبينا الأكرم محمد ، وهو أفضل الخلق، وأعزهم على الله، وأحبهم إليه، فقد مات أبوه وهو في بطن أمه، وماتت أمه وعمره ست سنوات، ثم عاش في كفالة جده عبدالمطلب، ومن بعده عمه أبي طالب.
وهناك حديث مشهور لأبي بكرة ينقله ابن قدامة في مغنيه جاء فيه: أن رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) كان يصلى ويجيء الحسن بن علي وهو صغير فكلما سجد النبي وثب على ظهره فيرفع النبي (عليه الصلاة والسلام) رأسه رفعاً رفيقاً حتى يضعه على الأرض).
اذا اصيبت الأم في أيام الحمل بخوف شديد فالاثر الذي تتركه تلك الحالة النفسية على بدن الام، لا يزيد على اصفرار الوجه أما بالنسبة الى الجنين فانه يتعدى ذلك الى صدمات عنيفة.. ويقول العلم الحديث: ان الاضطرابات العصبية للأم، توجه ضربات قاسية إلى مواهب الجنين قبل ولادته، إلى درجة انها تحوله الى موجود عصبي لا اكثر.
ان من أسو الظواهر التي تنتج عن فراغ العطلة الصيفية، اذا لم تستثمر بالبرامج الصالحة، هي ظاهرة التصرفات الشاذة، والسلوكيات المنحرفة، في وسط الجيل الناشئ.
إن الرعاية النفسية والعاطفية والسلوكية للأيتام والفقراء والمساكين لا يقل أهمية عن الرعاية المادية إن لم يكن أهم، بَيْدَ أن هذه الشريحة الاجتماعية كما تحتاج لتوفير حاجاتها المادية من مأكل ومشرب وملس ومسكن، تحتاج أيضاً إلى توفير حاجاتها المعنوية من احترام وتقدير اجتماعي، ومراعاة لمشاعر ونفسية اليتيم والمحتاج.
تمثل الاسرة خط الدفاع الاخير عن انسانية الانسان، وآخر القلاع والحصون لحماية ما تبقى للبشرية من قيم الفضيلة والصلاح. فقد استهلكت الاهتمامات المادية انسان هذا العصر، واستنزفت كل توجهاته وميوله المعنوية والروحية، ومسخت هويته الانسانية القيمية، وحولته الى شيء من الاشياء، وسلعة من السلع.
الطفل يتأثر بالأقرب إليه، والأكثر التصاقاً به، فإن الأم هي المؤثر الأكبر في سلوكه في السنوات التأسيسية من عمره، تلك السنوات التي تتحكم في بناء شخصيته المستقبلية.