إن بيانات النبي «صلى الله عليه وآله» لإمامة على «عليه السلام», قد كثرت وتنوعت, حيث إنه «صلى الله عليه وآله» قد نص عليه وأشار إليه: قولاً وفعلاً, وتصريحاً وتلويحاً, وترغيباً وترهيباً، وما إلى ذلك .
في السنة العاشرة بعد الهجرة- حين عزم النبي صلى الله عليه واله على المسير إلى مكة وأداء الحج الأخير الذي سمي (بحجة الوداع)- كان الإمام عليه السلام في اليمن أو نجران. فكتب إليه الرسول صلى الله عليه واله بأن يوافيه في مكة حاجًّا، وقد أُوحي إلى النبي صلى الله عليه واله أنه راحل عن أمته. فلما قفلوا عن مكة راجعين، أوقف الرسول الركب بمنطقة تسمى ب- (غدير خم).
لماذا اختيار غدير خم لتبليغ ولاية الأمير ؟ لماذا كان التبليغ بعد فريضة الحج؟ لماذا كان التبليغ بعد فريضة الحج ولم يكن في أثناء الفريضة؟ لماذا كان التبليغ بعد صلاة الظهر ولم يكن بعد صلاة الفجر ليبدأ الناس فجرا جديدا بولاية الأمير(ع)؟
تعتبر واقعة الغدير من الحقائق الثابتة التي لا يمكن إنكارها، وقد وثق (حديث الغدير) أئمة الحديث من الفريقين، حيث قال الرسول الأكرم في غدير خم: « من كنت مولاه فعلي مولاه، للهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار».
المناسبة التي سقنا الحديث عن الثقلين من أجلها هي ذكرى “يوم الغدير” الذي تضمن حدثاً جليلاً وهو تأسيس خط الولاية لأئمة أهل البيت “عليهم السلام” الذين ناب عنهم في حمل راية الولاية على الأمة في ذلك اليوم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب “عليه السلام”.
تشكل واقعة الغدير التي حدثت في الثامن عشر من شهر ذي الحجة بعد حجة الوداع منعطفاً مهماً في التاريخ الإسلامي، وحدثاً استثنائياً ذات دلالات عميقة، وأبعاد مختلفة، حيث تم تنصيب الإمام علي عليه السلام، كخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ومبايعته على ذلك.
خلال دراستي للدراما في الجامعة قابلت العديد من الطلبة اللاأدريين، كان البعض منهم يشكل على فكرة خاتميه النبي محمد"ص"، وانقطاع الوحي، وبرأيهم فإن الزمن الحالي المضطرب أحوج ما يكون إلى نبي يهدي الناس ويرشدهم إلى سواء السبيل إن كانت دعوى الوحي صحيحة، وفي كل مرة أصل إلى نتيجة واحدة يمكن أن تجيبهم عن إشكالهم المحق، في نظرية الإمامة الإسلامية الشيعية فقط، الإسلام بمرجعية علي"ع" من دون مبالغة مرتبط بالسماء والمبدأ الأعلى.
كثيرة هي الأحاديث الصحيحة والمعتبرة الواردة عن الرسول الأكرم ﷺ في مكانة وفضل ومقام الإمام علي ، والتي تدل دلالة واضحة على أهليته للإمامة والخلافة بعد رسول الله ﷺ، ومكانته المتميزة والعظيمة.
والحقيقة الناصعة باعتراف جميع المحدثين والحفاظ والمحققين: إنه ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله من الفضائل والمناقب - ويطرق صحيحة ومعتبرة - كما جاء في فضل الإمام علي ومكانته ومقامه العظيم.
أن الله سبحانه كان ينزل السورة أولاً، فيقرؤها النبي (صلى الله عليه وآله) بتمامها على الناس، ثم تبدأ الأحداث بالتحقق، فيأتي جبرئيل (عليه السلام) إلى الرسول (صلى الله عليه وآله)، بالآيات التي ترتبط بتلك الأحداث، فيعرف الناس بذلك: أن هذا القرآن منزل من عند عالم الغيب والشهادة..
فقد ذكر الراغب الأصفهاني: أن الوِلاية ـ بالكسر ـ هي النصرة.. والوَلاية ـ بالفتح ـ هي تولي الأمر.. وقيل: الوِلاية والوَلاية، نحو الدِلالة والدَلالة. وحقيقته تولي الأمر..
إنه لا ريب في أن ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) التي أمر الله سبحانه نبيه (صلى الله عليه وآله) بأن يبلغها في يوم الغدير وغيره، جزء من دين الإسلام الحنيف، وقد دلت نفس الآيات القرآنية التي نزلت في مناسبة الغدير على ذلك.. فلاحظ:
الصحيح أنها نزلت في المدينة، بعد حادثة الغدير، حيث طار خبر ما جرى في غدير خم في البلاد، فأتى الحارث بن النعمان الفهري «أو جابر بن النضر بن الحارث بن كلدة العبدري». قال الأميني: «لا يبعد صحة ما في هذه الرواية من كونه جابر بن النضر، حيث إن جابراً قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) والده النضر صبراً، بأمر من رسول الله [صلى الله عليه وآله] لما أسر يوم بدر»
يجد الباحث اللبيب دون أن يتحمل عناء البحث و التنقيب كثيراً أن هناك تلازماً بين الرسالة المحمدية و بين استمرارية هذه الرسالة و بقائها من خلال تعيين من يتحمل أعباء قيادة الأمة و إرشادهم و تبيين ما هو بحاجة إلى التبيين و الشرح و التفسير و صيانة العقيدة و الشريعة من الانحراف و التلاعب بعد إرتحال النبي المصطفى صلى الله عليه و آله.
قال الله تعالى : ﴿ ... سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ ﴾1. تبدو هاتان الآيتان سؤالاً عن عذاب موعود سيقع حتماً ، لا أكثر ، ويمكن لأحد أن يقول إنه عذاب الآخرة الموعود ، فليس بالضرورة أن يكون عذاباً في الدنيا . لكن الآيات والأحاديث تدلك على أن هذا العذاب في الدنيا ، وقد وقع منه مفردات ، وبقيت مفردات !
غدير خم: موضع بين مكة المكرمة و المدينة المنورة على مقربة من الجُحفة، و يبُعُد عن مكة المكرمة حوالي ( 157 ) كيلومتراً تقريباً، أما جحفة فهي ميقات أهل الشام و مصر و من مرّ عليها و التي يُحرِم منها الحجاج للحج أو العمرة.
يوم الغدير هو اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة من السنة العاشرة من الهجرة النبوية المباركة. و هو اليوم الذي نَصَّبَ الرسول المصطفى محمد صلى الله عليه و آله بأمر من الله عزَّ و جلَّ علي بن أبي طالب عليه السلام خليفةً و وصياً و إماماً و ولياً من بعده.