كَتَبَ الإمام الحُسين (عليه السلام) إلى بَني هاشم يَقول: (بسم الله الرحمن الرحيم، مِنَ الحُسين بن علي إلى بني هاشم، أمّا بَعد، فإنّه مَنْ لَحِقَ بي مِنكم إستُشهِد, وَمَن تَخَلّفَ عَنّي لَمْ يَبلغ الفَتْح، والسّلام)1.
يبدي كثير من الباحثين الأجانب غربيين وشرقيين دهشتهم لضخامة الإنجاز الذي حققه الرسول محمد، في مدة قياسية، ومساحة زمنية محدودة، فما كاد يمر على بدء الدعوة عقد ونصف من الزمن، حتى تمكن رسول الله من بناء مجتمع إيماني متماسك، واقامة كيان رسالي متحضر، على أنقاض حياة جاهلية قبلية متخلفة. لينطلق بعد ذلك مارد الحضارة الإسلامية المشرقة.
الشباب من أروع فترات عمر الإنسان في هذه الدنيا، لأنّها الّتي تعبّر عن اكتمال الإستعدادات النفسية والفكرية والروحية والجسدية لدخول من هم في سنّ الشباب إلى معترك الحياة من بابها الواسع، وللتمتّع بكلّ النّعم الإلهية الّتي أوجدها اللّه من أجل الإنسان عموماً.
والحاصل أن الشيعة ليسوا إرهابيين، وإنما هم مسالمون كما هو معلوم من تاريخهم الطويل، عملاً بوصايا أئمة أهل البيت عليهم السلام التي حثتهم على حسن المعاشرة مع مخالفيهم، مع أنهم كانوا ولا يزالون يعانون من الإقصاء والتهميش والتمييز الطائفي المعلن على جميع الأصعدة، وفي أكثر البلدان الإسلامية، ومع ذلك فإنهم قابلوا كل تلك الأمور بالسمع والطاعة، وعدم مخالفة أنظمة دولهم وقوانينها، وكان ولاؤهم لأوطانهم لا لغيرها.
في جاهلية هذا العالم الذي نعيش حيث تغيب الشروط الموضوعية لحياة تحقق غاية الوجود الإنساني. وفي ظل اختلال المعايير والموازين إلا ما يتطابق منها مع المصالح والفوائد التي يسعى لها أصحابها.
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (إنّ العبد إذا تخلّى بسيّده في جوف الليل المظلم وناجاه أثبت الله النور في قلبه، ... ثمّ يقول جلّ جلاله لملائكته: {ملائكتي أنظروا إلى عبدي فقد تخلّى بي في جوف الليل المظلم والبطالون لاهون، والغافلون نيام، واشهدوا أني غفرت له }).
تمييزاً للإنسان عن بقية المخلوقات، وتفضيلاً له عليهم، وهب الله له عقلاً يمتلك به قدرة التفكير وصنع الرأي، ومنحه إرادة يتمكن بها من اتخاذ القرار وحرية الاختيار.
الإمام الحسن العسكري هو الإمام الحادي عشر من أئمة أهل البيت الأطهار، وهو قائد من قادة الإسلام الكبار، وعلم بارز من أعلام الهدى والحق والإيمان، ومفخرة من مفاخر الدين، وشخصية عظيمة من الشخصيات العظام في التاريخ الإسلامي، بل في التاريخ الإنساني.
من الواضح جداً أنّ الصلاة هي عنوان الإنسان الملتزم لأنّها الوسيلة التي يلتقي فيها المسلم مع ربّه يومياً عبر الفرائض الواجبة فضلاً عن نوافلها المستحبّة، ولذا ورد في الأحاديث الكثيرة أنّ الصلاة هي معراج المؤمن أو أنّ الصلاة قربان كلّ تقي، أو أنّها خير موضوع فمن شاء إستقلّ ومن شاء إستكثر فيها.
حديث: (من كنت مولاه فعلي مولاه) مشهور متواتر يُعرف بحديث الموالاة، وقد قاله النبي بعد رجوعه من حجة الوداع في الثامن عشر من شهر ذي الحجة الحرام، في السنة العاشرة من الهجرة، في موضع يقال له غدير خم، وهو موضع بين مكة والمدينة، وهو حديث عظيم يدل على فضيلة عظيمة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ومنقبة باهرة لم ينلها غيره من صحابة رسول الله، بل إن هذا الحديث دال على أفضلية أمير المؤمنين على من عداه من الصحابة، وعلى أنه هو المتعين للخلافة بعد رسول الله دون غيره.
وبقدر هذا الاشمئزاز من تلوث المكان المحيط بالإنسان فإن مجتمعاتنا مليئة بالشوق لتكون قريبة من مصادر تلويث السمعة ولتتعاطى معها وتتحرك في فلكها. وحدها سمعة الإنسان تعيش حالة اليتم والوحدة وعدم التبني من قبل أحد حين تتعرض للتلوث، بل إن الكثير من المحيطين بها يتسربون ويبتعدون عنها، لتواجه بمفردها محاولات الاعتداء عليها، وكأن الحفاظ على كل شيء أهم وأولى من الحفاظ على كرامة الإنسان.
من النماذج التحليلية التي استند إليها المفكر الجزائري مالك بن نبي في دراسة وتحليل علاقة المجتمع بالأفكار تقدما وتراجعا، النموذج الذي يمكن تسميته بالعوالم الثلاثة المتصلة والمتعاقبة، وهي: عالم الأشياء وعالم الأشخاص وعالم الأفكار.
في عاشوراء لا يُتحدث عن "رجل بعيد" يحاول المحبون له افتعال حضوره فيهم، ولا عن قربان يجري في مجرى الخيال والفانتازيا والميثولوجيا أو في حركة العصبيات الدينية، ولا عن رائعة روائية يكمن نابض إبداعيتها في الفجائعية والبكائية.
كيف يمكن تحقيق الوحدة السياسية والاجتماعية في مجتمع يعيش انقسامات حادة على أساس قومي أو ديني ـ مذهبي، أو مناطقي أو قبلي؟هل يكون ذلك بالمراهنة على تذويب الهوّيات وإلغاء مشاعر الانتماء الخاص؟أو بغلبة طرف وإخضاعه لسائر الأطراف؟أم أن هناك أساليب وخيارات أصوب؟
والذي يمكن أن نستوحيه في المحصّلة من هذا الجو القرآني أنّ من يريد أن يتّخذ الكافر وليّاً له للحصول على حقٍّ أو للحفاظ على موقع من أجل الوصول إلى العزّة التي يتصوّر أو يتوهّم أنّه يمكن أن ينالها عبر سلوك هذا الطريق، فإنّ هذه النتيجة لن يحصل عليها أبداً، لأنّ الإتخاذ من الكافرين أولياء ستجعله عبداً مأجوراً لإرادتهم وسوف تسخّره من أجل أهدافها وغاياتها، بل وقد تدفع به إلى تدمير كلّ ما كان يسعى إليه عندما يرضى بأن يرهن شعبه وأمّته لإرادة أولئك الكافرين.
ومن الرّوايات ما عن الإمام الباقر «عليه السلام» أنّه قال: «إنّ الله قضى قضاءً حتماً ألا ينعم على العبد بنعمة فيسلبها إياه حتى يحدث العبد ذنباً يستحق بذلك النقمة».
اقتصر كثير من الناس في تقييم صلاح الدين الأيوبي من خلال كونه فاتحاً لبيت المقدس وبطل معركة حطين، واكتفوا بذلك متغافلين عن تقييمه كحاكم له مساوئ وسلبيات أخرى ربما تدعو المنصف إلى أن يعيد النظر في نظرته المثالية إلى صلاح الدين، وحيث إن كثيراً من الناس يفتخرون به، ويعدونه واحداً من الأبطال الذين قل أن يجود الزمان بمثلهم، فإني سأذكر بعض المآخذ التي عيبت عليه، ومنها:
فهل الإسلام يدعو الى قتل الناس غيلة وعلى قارعة الطريق لمجرد الاختلاف في الرأي أو المذهب أو الدين؟ وهل الإسلام يدعو الى العنف وسيلة في الوصول الى السلطة والحكم؟.